٢ ـ ختمت السابقة بقوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) وافتتحت هذه ب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ..) تذكيرا لهم بحرمتهم عند الله عند ما وصفهم بكونهم أشداء رحماء ، مما يقتضي محافظتهم على هذه الدرجة بطاعة الله تعالى والرسول صلىاللهعليهوسلم.
٣ ـ في كلتا السورتين تشريف وتكريم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، خصوصا في مطلع كل منهما ، والتشريف يقتضي من المؤمنين الرضا بما رضي به الرسول صلىاللهعليهوسلم من صلح الحديبية ، وألا يتركوا شيئا من احترامه قولا وفعلا.
موضوع هذه السورة كسابقتها أحكام شرعية لكونهما مدنيتين ، وهي أحكام تتعلق بتنظيم المجتمع الإسلامي على أساس متين من التربية القوية ، والأخلاق الرصينة ، حتى إنها سميت «سورة الأخلاق» فهي في الأمر بمكارم الأخلاق ورعاية الآداب. وآدابها نوعان : خاص وعام.
أما الآداب الخاصة : فهي ماله علاقة بين النبي صلىاللهعليهوسلم وأمته. وقد ابتدأت السورة بها ، فأوجبت طاعة الله تعالى والرسول صلىاللهعليهوسلم وحذرت من المخالفة. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا ..) ثم أمرت بخفض الصوت أثناء خطاب النبي صلىاللهعليهوسلم إجلالا له وهيبة منه وتعظيما لقدرة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ ..) ثم طالبت المؤمنين بخطاب الرسول صلىاللهعليهوسلم بصفة النبوة والرسالة ، لا باسمه وكنيته تعظيما واحتراما له ، وجعلت خفض الصوت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم من التقوى ، وذمّت من يناديه من وراء حجرات نسائه كعيينة بن حصن وأشباهه ، وذكرت السورة في آخرها ذمّ الامتنان على الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم بالإيمان : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ ..).