وهنا أبان الله تعالى سبب جلائهم قائلا :
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ ، فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أي إنما فعل الله بهم ذلك وهو الطرد والإجلاء ، وتسليط المؤمنين عليهم ، لأنهم خالفوا الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، وكذبوا بما أنزل الله على رسله المتقدمين ، من البشارة بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.
ومن يعادي الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم بعدم الطاعة ، والميل مع الكفار ، ونقض العهد ، فإن الله يعاقبه أشد العقاب ، ويعذبه في الدنيا والآخرة.
ثم عذر الله تعالى المؤمنين فيما أقدموا عليه مما تقضي به الضرورة الحربية ، فقال : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ ، وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) أي إن ما قمتم به من قطع النخيل وإحراقه ، أو تركه قائما دون قطع ، فهو بأمر الله ومشيئته ، وقد أذن بذلك ليعز المؤمنين ، وليذل الخارجين عن الطاعة ، وهم اليهود ، ويغيظهم في القطع والترك ، فإنهم إذا رأوا المؤمنين يفعلون في أموالهم ما شاؤوا ، ازدادوا غيظا وحنقا. واللينة : أنواع التمر سوى العجوة.
والنخيل الذي قطع وأحرق هو البويرة ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما حاصرهم ، أمر بقطع نخيلهم ، إهانة لهم ، وإرهابا وإرعابا لقلوبهم. وقد تمّ قطع النخل بأمر الله ومشيئته ، ولإذلال اليهود الذين كفروا بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم وكتبه.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستدل بالآيات على ما يأتي :
١ ـ إن تسبيح الله وتنزيهه عن كل ما لا يليق به هو شأن جميع المخلوقات في السموات والأرض ، نباتا وحيوانا وجمادا ، وملكا وكوكبا ، إما بلسان الحال