قتل منا كان شهيداً ومن نجا منا كان مجاهداً في سبيل الله فقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم رأيه وخرج مع نفر من أصحابه يتبوءون موضع القتال كما قال سبحانه وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ الآية.
وقعد عنه عبد الله بن أُبي وجماعة من الخزرج اتّبعوا رأيه ووافت قريش إلى أُحد وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم عبّأ أصحابه (١) وكانوا سبعمائة رجل فوضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب (٢) وأشفق أن يأتيهم كمينهم من ذلك المكان فقال صلّى الله عليه وآله وسلم لعبد الله بن جبير وأصحابه ان رأيتمونا قد هزمناهم حتّى أدخلناهم مكّة فلا تبرحوا من هذا المكان وان رأيتموهم قد هزمونا حتّى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا والزموا مراكزكم ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مائتي فارس كميناً وقال له إذا رأيتمونا قد اختلطنا فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتّى تكونوا وراءهم ، وعبّأ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أصحابه ودفع الراية إلى أمير المؤمنين عليه السلام فحمل الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ووقع أصحاب رسول الله في سوادهم وانحط خالد بن الوليد في مائتي فارس على عبد الله بن جبير فاستقبلوهم بالسهام فرجع ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ينهبون سواد القوم فقالوا لعبد الله بن جبير قد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة فقال لهم عبد الله اتقوا الله فان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قد تقدم إلينا أن لا نبرح فلم يقبلوا منه واقبلوا ينسل رجل فرجل حتّى أخلوا مراكزهم وبقي عبد الله بن جبير في اثني عشر رجلاً وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدري من بني عبد الدار فقتله عليّ عليه السلام فأخذ الراية أبو سعيد بن أبي طلحة فقتله عليّ وسقطت الراية فأخذها مسافح بن طلحة فقتله حتّى قتل تسعة من بني عبد الدار حتّى صار لواؤهم إلى عبد لهم أسود يقال له صواب فانتهى إليه عليّ فقطع يده فأخذ الراية باليسرى
__________________
(١) عبأ المتاع والأمر كمنع هيأه والجيش جهزه كعبأته تعبئة وتعبيئاً فيهما «ق».
(٢) الشعب بالكسر الطريق في الجبل ومسيل الماء في بطن ارض وما انفرج بين الجبلين «ق».