أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ لأنّ الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر أو لأنهما من أصل واحد أو لفرط الاتصال والاتحاد ولاتفاقهم في الدين والطاعة وهو اعتراض روي : أن أم سلمة قالت يا رسول الله ما بال الرجال يذكرون (١) في الهجرة دون النساء فأنزل الله فَالَّذِينَ هاجَرُوا الأوطان والعشائر للدين وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي بسبب إيمانهم بِاللهِ ومن أجله وَقاتَلُوا الكفّار وَقُتِلُوا في الجهاد وقرئ بتقديم وقتلوا وبتشديد تائها لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ.
في الأمالي : أن أمير المؤمنين عليه السلام لما هاجر من مكّة إلى المدينة ليلحق بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلم وقد قارع (٢) الفرسان من قريش ومعه فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت رسول الله وفاطمة بنت الزبير فسار ظاهراً قاهراً حتّى نزل ضجنان (٣) فلزم بها يوماً وليلة ولحق به نفر من ضعفاء المؤمنين وفيهم أم أيمن مولاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وكان يصلي ليلة تلك هو والفواطم ويَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ فلن يزالوا كذلك حتّى طلع الفجر فصلى بهم صلاة الفجر ثمّ سار لوجهه فجعل وهن يصنعون كذلك منزلاً بعد منزل يعبدون الله عزّ وجلّ ويرغبون إليه كذلك حتى قدموا المدينة وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً الآيات قوله مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى الذكر عليّ والأنثى الفواطم بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يعني علي من فاطمة أو قال الفواطم وهن من علي.
والقمّيّ : فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ يعني أمير المؤمنين عليه السلام وسلمان وأبا ذر حين أُخرج وعمّار الذين أوذوا في سبيل الله.
أقول : وتشمل الآيات كل من اتصف بهذه الصفات.
__________________
(١) حاصل سؤالها أنّه أي فرق بين الرجال والنساء في ثبوت الهجرة لهم دونهن وحاصل الجواب بالآية أن للهجرة لوازم واحكام لا يليق بالنساء ويمكن أن يكون المراد ثبوتها لهن أيضاً إمّا اختصاصاً بالفواطم أو عاماً لغيرهن أيضاً بشرط المساواة لهن في الكيفية والسبب.
(٢) قارعته أي ضاربته وجادلته فقرعته أي غلبته بالمجادلة وقارعته أقرعه بفتحتين غلبته «مجمع».
(٣) ضجنان كسكران جبل قرب مكّة «ق».