لَيْلَةِ الْقَدْرِ؟ فقال : أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كل عام؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن.
أقول : وذلك لأن في ليلة القدر ينزل كل سنة من تبيين القرآن وتفسيره ما يتعلق بأمور تلك السنة إلى صاحب الأمر عليه السلام فلو لم يكن ليلة القدر لم ينزل من أحكام القرآن ما لا بدّ منه في القضايا المتجددة وإنّما لم ينزل ذلك إذا لم يكن من ينزل عليه وإذا لم يكن من ينزل عليه لم يكن قرآن لأنهما متصاحبان لن يفترقا حتّى يردا على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم حوضه كما ورد في الحديث المتفق عليه وقد مضى معنى تصاحبهما.
والمستفاد من مجموع هذه الأخبار ، وخبر الياس الذي أورده في الكافي في باب شأن إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وتفسيرها من كتاب الحجة أن القرآن نزل كله جملة واحدة في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان إلى البيت المعمور وكأنّه أُريد به نزول معناه على قلب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم كما قال الله نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ ثم نزل في طول عشرين سنة نجوماً من باطن قلبه إلى ظاهر لسانه كلما أتاه جبرئيل عليه السلام بالوحي وقرأه عليه بألفاظه وأن معنى انزال القرآن في ليلة القدر في كل سنة إلى صاحب الوقت انزال بيانه بتفصيل مجمله وتأويل متشابهه وتقييد مطلقه وتفريق محكمه من متشابهه.
وبالجملة تتميم إنزاله بحيث يكون هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان كما قال الله سبحانه : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) يعني في ليلة القدر منه (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) تثنية (تثبيت خ ل) لقوله عزّ وجلّ : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) أي محكم أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ فقوله فِيها يُفْرَقُ وقوله والْفُرْقانِ معناهما واحد فان الفرقان هو المحكم الواجب العمل به كما مضى في الحديث ، وقد قال تعالى : إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. أي حين أنزلناه نجوماً فَإِذا قَرَأْناهُ عليك حينئذ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أي جملته ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ في ليلة القدر بانزال الملائكة والروح فيها عليك وعلى أهل بيتك من بعدك