وبإسناده عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً). قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : بيّنه تبييناً ولا تهذه هذّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن فزّعوا قلوبكم القاسية ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.
أقول : الهذّ السرعة في القراءة أي لا تسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر ولا تفرق كلماته بحيث لا تكاد تجتمع كذرات الرمل ، والمراد به الاقتصاد بين السرعة المفرطة والبطؤ المفرط.
وفي رواية أخرى : أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن ترتيل القرآن فقال : هو حفظ الوقوف وبيان الحروف ، وفسر الأول بالوقف التام والحسن والثاني بالإتيان بصفاتها المعتبرة من الجهر والهمس والاطباق والاستعلاء وغيرها. وعن أبي عبد الله عليه السلام : هو أن تمكث وتحسّن به صوتك.
وبإسناده عنه عليه السلام : قال : القرآن نزل بالحزن.
وبإسناده عنه عليه السلام قال : قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم : لكل شيء حلية وحلية القرآن الصوت الحسن. وعنه عليه السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام أحسن الناس صوتاً بالقرآن. وكان السقاؤون يمرون فيقفون ببابه يستمعون قراءته. وكان أبو جعفر عليه السلام أحسن الناس صوتاً.
وبإسناده عن عليّ بن محمّد النوفليّ عن أبي الحسن عليه السلام قال : ذكرت الصوت عنده فقال إن عليّ بن الحسين عليهما السلام كان يقرأ القرآن فربما مر به المار فصعق من حسن صوته ، وان الإمام عليه السلام لو أظهر من ذلك شيئاً لما احتمله الناس من حسنه. قلت : ولم يكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن فقال : إن رسول الله «ص» كان يحمل الناس من خلفه (١) ما يطيقون.
__________________
(١) يحتمل كلمة من أن تكون اسماً موصولاً بدلاً من الناس ، يعني كان يحمل من كان يصلي خلفه من الناس على ما يطيقون معه إتمام الصلاة من غير أن يخرجوا عن حدود التكليف وذلك لمصالح تقتضيه فإنّه عليه السلام كان مأموراً بالإقبال والإدبار جميعاً ومن هنا يقول الرومي :
احمد ار بگشايد آن پرّ جليل |
|
تا ابد مدهوش ماند جبرئيل |
ويحتمل أن يكون حرفاً قيداً للناس أو متعلقاً بيحمل فتدبر. منه (قده)