وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (٢٨ : ٥٦) وانما (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) تشريعا وتكوينا (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ) : القادر الغالب «الحميد» : في عزته دون الاعزة المذمومين ، فان صراطهم زور وغرور.
فالنور واحد هو صراط العزيز الحميد ، والظلمات عدة هي السبل المتفرقة عن صراطه ، فالإيمان على ضوء القرآن بدلالة نبي القرآن نور تشرق به النفس وتشف ، فترى الصراط واضحا لا يشوبها غش ولا غبش ولا ضباب ، حيث خرجت من الظلمات كل الظلمات على قدر شفافية الايمان وجلائه.
فالنور هو صراط العزيز الحميد ، والظلمات هي السبل المتفرقة عن النور وهي صراط الذليل اللعين ، وصاحب الصراط النور هو :
(اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ)(٢).
فمن له الكون كله ملكا وملكا وقدرة فهو العزيز الحميد ، وهو صراطه النور (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ) بذلك الإله (مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) هنا معيشة ضنكا وفي الاخرى أشد وانك ، والكافرون هم :
(الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)(٣).
قد تستحب الحياة الدنيا ذريعة ومتاعا للحياة الآخرة فهو سبيل المؤمنين ، وقد تبغض وتكره زعم أنها دنيئة على إطلاقها حتى وان كانت ذريعة الآخرة وهذا تقشف ورهبانية مبتدعة ، وأهلها عوان بين اهل الدنيا والآخرة ، وثالثة تستحب الحياة الدنيا على الآخرة إيثارا لها عليها وركونا واخلادا إليها ، فذلك كفر بالحياة الاخرى ، وظلمات بعضها فوق بعض ،