بعيد عن النور كل البعد.
انه لا تعطيل ولا تبطيل في الإسلام للحياة الدنيا نظرة الآخرة حيث الدنيا مزرعة الآخرة ، تعميرا لها واستعمارا بالحق. والفضيلة ابتغاء رضوان الله : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) ولكنها متاع الغرور وعلى حد المروي عن الامام علي (ع)(من ابصر بها بصّرته ومن أبصر إليها أعمته)!.
وهم إذا استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة في أنفسهم دون تعد في طورهم وكورهم على من سواهم فهم في ضلال قريب ، ولكنهم (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) من آمن او كاد (وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) فسبيل الله وهي القرآن وهي نبي القرآن بالقرآن هم يصدون عنها : (رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) (٤ : ٦١) (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً) (٣ : ٩٩) صدا عن الايمان قبله او بعده في محاولة كافرة ماكرة.
واما (يَبْغُونَها عِوَجاً) فهل تعني يبغون فيها عوجا تغييرا أو تحويرا لكي تحرف عن جهات اشراعها؟ وصيغته الصحيحة «يبغون فيها»! ولا تنحصر المحاولات الكافرة في الصد عن سبيل الله في تحريفها عما هي عليه بل وتزييفها على ما هي عليه ، ف (يَبْغُونَها عِوَجاً) هي ان يطلبوها معوجة بتحريف ان قدروا عليه ، ام تزييف ان لم يقدروا على تحريف ، استغلالا لضعاف العقول ، واستحمارا لهم على استكبار. (فلو ان الحق خلص لم يكن للباطل حجة ولو ان الباطل خلص لم يكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى).
ف «عوجا» حال عن هؤلاء وبغيهم وعن سبيل الله ، إذ يبغونها حال