الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) سواء في ذلك آياته وترتيبه الخاص في تأليفه ، فان للتأليف دخلا عريقا في التعرّف الى معانيه وكما في أصله ، تأليف قاصد كما الأصل قاصد ، قصدا بالوحي فقط ، دون الآراء المختلفة المختلقة المتخلفة عن صراح الوحي.
ومن طبيعة الحال في ترتيب التأليف بعد النزول نجوما ان كل آية او آيات كانت تحمل معها اشارة الوحي اين مكانها من سورة وآية نزلت من ذي قبل ، فكان كتّاب الوحي يكتبونها كما يأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالوحي ، فلذلك أصبحت سورا مرتبة كما هي الآن في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد ختمها نفر من أصحابه عنده فصدقهم عليه وأمرهم فيه بما امر (١).
__________________
(١) قال الشريف المرتضى علم الهدى في جواب المسائل الطرابلسيات ... ان القرآن كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الآن لأنه كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان حتى عين على جمع من الصحابة في حفظهم له وانه كان يعرض على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتلى عليه وان جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عدة ختمات وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على انه كان مجموعا مرتبا غير مبتور ولا مبثوث وان من خالف في ذلك من الامامية والحشوية لا يقيد بخلافهم فان الخلاف في ذلك مضاف الى قوم من اصحاب الحديث نقلوا اخبارا ضعيفة ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته وقال البلخي في جامع علوم القرآن فيما نقله عنه السيد ابن طاووس في سعد السعود ما لفظه :
واني لأعجب من ان يقبل المؤمنون قول من زعم ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك القرآن الذي هو حجته على أمته والذي تقوم به دعوته والفرائض التي جاء بها من عند ربه ويصح به دينه الذي بعثه الله اليه داعيا اليه معرفا في قطع الحرف ، ولم ـ