الفرعونيون ، نفسه كأصل وأتباعه كهوامشه ، والجمل الثلاث (يَسُومُونَكُمْ ... يُذَبِّحُونَ ... يَسْتَحْيُونَ) أحوال ثلاث لآل فرعون في فعلتهم بهم طوال عشرتهم في سلطتهم الجبارة.
والسّوم في الأصل ذهاب في ابتغاء شيء ، وآل فرعون كانوا يذهبون مذاهبهم في ابتغاء بني إسرائيل بغيا بكل صنوفه ومن أهمه تذبيح الأبناء واستحياء النساء لحد كأنهما هما سوء العذاب دون غير هما من عذاب وكما في البقرة والأعراف : «يسومونكم سوء العذاب يذبحون ـ يقتلون ـ أبناءكم ويستحيون نساءكم» (٤٩ و ١٤١) حيث يذكر ان ردفا بسوم العذاب دون عطف.
ثم وليس البلاء العظيم هنا ـ فقط ـ سوم العذاب وهو بلاء الشر ، بل والإنجاء من آل فرعون وهو بلاء الخير وهما في نجدي الخير والشر بلاء عظيم : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً).
وترى ذلك بلاء الخير «من ربكم» حيث أغرق آل فرعون ، فأين بلاءهم الشر : (سُوءَ الْعَذابِ) من ساحة الرب؟ نقول : كل بلاء خيرا أو شرا هو من الله ، فلو أن الله سدّ آل فرعون عن سوم العذاب فصد عن بني إسرائيل سوم العذاب كما أغرق آل فرعون ، لم يكن عليهم بلاء الشر والدنيا دار بلاء وابتلاء بخيرها وشرها ونفعها وضرها!.
فهنالك بلاء لامتحان الصبر دون امتهان الذل والتخاذل ، او احتمال العذاب بتضعضع وهزيمة روحية ، وانما استعدادا للوقوف في وجه الظلم والطغيان ، وتصبرا في الحفاظ على الإيمان والصمود في وجه الطغيان دون تلكع وتخضع.
ومن ثم بلاء بالنعمة والرخاء لامتحان الشكر بعد ما مستهم الضراء ، وما بلاء النعمة بأهون من بلاء النقمة ، بل وذلك أقوى ، فإنه أزل وأهوى ، حيث الزهوة والرعونة تأخذان من اهل النعماء مآخذهما الجبار :