ثم ل «ينزل» حالة ماضية عن حالة نزولها ، ومستقبلة حتى خاتمة الوحي على خاتم الرسل ، ومستقبلة اخرى وماضية ، ماشية ماضية على اصحاب الإلهام غير رجالات الوحي ، كما كانت تنزل وحتى الآن على العترة الطاهرة المحمدية (عليهم السلام) في الدرجة العليا ، ثم على سائر السابقين والمقربين والصديقين والشهداء والصالحين حسب درجاتهم ، وعلى كل هؤلاء (الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ..)(٤١ : ٣١).
و «ان أنذروا» تشمل كل منذر إلهي بوحي او الهام أيا كان ، مهما كان الإنذار بالوحي هو رأس الزاوية في هندسة الإنذار وحسابه.
وكما ان هناك أرواحا شخصية توحيدية كذلك ـ وعند توفر الشخصيات ـ روح جماعي للإنذار ، كما في الدولة الإسلامية المحمدية والمهدوية المحمدية ودويلات اسلامية هي عوان بينهما.
فلا تحمل الرسالات الإلهية عن بكرتها إلّا الإنذار بالمبدء والمعاد بعد تثبيتهما وإياها ، كما تحملها آية النحل هنا ، وهناك آية المؤمن ، متجاوبتين في تلازم الأصلين : المبدء والمعاد ، وبينهما ما بينهما من النبوءات وشرايع الدين ، ثم الإنذار أعم من التبشير.
فالنفس التي لا توحّد المعبود نفس حائرة حالكة هائلة تتجاذبها السبل المتفرقة ، وتخايل لها الأوهام ، وتمزقها التصورات المتناقضة وتناوشها الوساوس والهواجس.
ومن هنا عرض لا فواج الكائنات بادئا بخلق الأرض والسماوات ، فسحا لمجال التفكير في الآفاق وفي أنفسهم ، وكما قدم الآفاق على أنفسهم :
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٣).