هذا! كما ويخاصم في سبيل الله ليحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين.
أترى بعد «خصيم» هي ـ فقط ـ صفة ذم للإنسان جدالا بالتي هي أسوء ام سوء ، لمكان الذم في يس (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ. وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)(٧٧)؟ ام في سواها؟
وهذا من ضرب القرآن بعضه ببعض ، وتفسير آية بما ليس في محتواها! فهناك الذم لائح فخصامه ـ كذلك ـ مذموم ، ومنه خصامه المذكور في إحياء الموتى ، وهنا لا ذم ولا مدح فتعم الخصامين : ممنوحة ممدوحة جدالا بالتي هي احسن ، وهو منطق الحق ، تفكرا فتحدثا عن كل ما جلّ ودق ليحل الحق في أعلى محلّ ، «فيكون خصيما متكلما بليغا» (١) ، ثم مذمومة مقبوحة كالجدال بغير التي هي أحسن كمن يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
وعلى اية حال فالمخاصمة الباطلة خصام باطل والمخاصمة الحقة خصام حق ، فلا يحق تفسيره ـ فقط ـ بالباطل لأنه في بعض آياته مذموم بقرينة انه باطل ، فانه تفسير باطل ، فمثل قوله (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) (٤٣ : ٥٨) كآية يس واضرابها ، مقرونة بذم الخصام.
ثم (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) (٤ : ١٠٥) خصيمها الرسول (ص) هو خصيم حق ، ولكن لا يحق له ان يجادل الخائنين الذين لا يسمعون ، ومن خصام الحق اختصام الملإ الأعلى : (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (٣٨ : ٦٩) و (ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (٣ : ٤٤)
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٣٩ وفي تفسير القمي عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية قال : خلقه من قطرة من ماء نتن فيكون خصيما متكلما بليغا.