وكما أن للأرض ميدا ماديا لو لا أوتادها وحركاتها المعتدلة المعدّلة لها ، كذلك لها ميد معنويا لو لا الأوتاد الروحية كالرسل والائمة والعلماء الربانيون ، وهذا هو المعني من «بنا يمسك الأرض ان تميد بأهلها» (١) «ولا تخلو الأرض من قائم منا ظاهر او خاف ولو خلت يوما بغير حجة لماجت باهلها كما يموج البحر بأهله» (٢) ، و «كان امير المؤمنين (عليه السلام) باب الله الذي لا يؤتى الا منه وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وكذلك يجري لأئمة الهدى واحدا بعد واحد ، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها» (٣)
وفي الحق هم أوتاد الأرض ورواسيها الملقاة عليها من سماء الرحمة الروحية.
(وَأَلْقى .. وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) فكما الرواسي ملقاة في الأرض او مجعولة عليها ، كذلك (أَنْهاراً وَسُبُلاً) قضية العطف على الرواسي ، ولان مياه الأرض كلها ملقاة من السماء منذ البداية وعلى طول الخط ، والجبال هي في الغالب منابع الأنهار حيث هي مساقط الثلوج والأمطار ، ثم السبل هي ذات علاقة بالرواسي والأنهار.
«وسبلا» علّها هنا هي (فِجاجاً سُبُلاً) في الأنبياء ، فقد سبّل الله هذه السبل بين الرواسي (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الى مخازنها المائية ومعادنها الظاهرة
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٤٤ عن كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام حديث طويل يقول فيه: ...
(٢) المصدر باسناده الى ابراهيم بن أبي محمود قال قال الرضا (عليه السلام) : ...
(٣) المصدر عن اصول الكافي بسند متصل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان امير المؤمنين (عليه السلام) ....