«سبحانه» عنهما فإنهما مس من ساحته وحط من كرامته ، واثبات لحاجته.
ولقد كان هذا الجعل الجاهل تقليدا أعمى عن السابقين (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) كأمثال البرهميين والبوذيين والصابئين.
ثم (وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) قد يكون معطوفا على «لله» ـ : ويجعلون لهم ما يشتهون ، مطاردة لمواليد الإناث وأدالهن ، ام حالا ـ : ويجعلون .. حال ان لهم ما يشتهون.
وما قد يتقول من ان الفاعل إذا كان ضميرا متصلا لا يتعدى الفعل إلى ذلك الضمير بنفسه إلّا بفاصل ، إنه منقوض ب (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) (١٩ : ٢٥) (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) (٢٨ : ٣٢) دون «الى نفسك» فيهما ، فلا ضرورة في «ولأنفسهم ما يشتهون» والقرآن هو محور الأدب ككل الإرب ، ولا يحول حول سائر الأدب!
(وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ٥٨ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) ٥٩؟!.
«بشّر» هنا حقيقة ناصعة ، أن الأنثى كما الذكر يبشّر بها ، وهم يعتبرون بشراها نذارة فنكارة منها ، وذلك رسم لصورة نكرة ، بالية نخرة ، عن سيرة المشركين من قبل ، معاملة سيئة ، ونظرة وضيعة إلى البنت المشرقة الوضيئة ، خشية العار والفقر ، فالفرار عن الفقر والعار بوأد البنات ، فإنهن لا يكسبن فيعشن كلّا عليهم ام يتزوجن ، ام يقعن في السبي عن الغارات فيكسبن العار ، سيرة جاهلة قاحلة في تضادات ماحلة ، بغض البنات لحد الوأد باسوداد وجه وتوار من القوم ، وهم يعبدون نظيراتهن ملائكة الله زعم انهن بنات الله!.
(أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) هنا وهناك ، هنا حكما بوأدهن ، وهناك عبادتهم للملائكة كبنات لله ولهم ما يشتهون.