للمستفيدين منها ، وتصيب من المظلومين من هم ذريعة ظلم الظالمين إذ سكتوا عن ظلمهم ، وتخاذلوا أمامهم ، والساكت عن الحق شيطان أخرس! ثم تصيب العدول أحيانا من بأس الظالمين كما تعودوه طول التاريخ الرسالي ، وأخرى فتنة لهم واعتلاء درجة ، كما وفي بأسهم بالظالمين ـ على شروطه الصالحة ـ درجة.
إذا ف (ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) ليست لتعني عقوبة على الكل ظالمة ومظلومة وعادلة ، وإنما إفناء للكل تأشيرا الى مدى آثار الظلم ، انها مبيدة ومبددة (لَوْ يُؤاخِذُهُمْ) لا تبقي ولا تذر ، وليست من سنة الله في أخذة قاهرة للظالمين ان يسدها عن سواهم كخارقة استثنائية ، فإذا حدث زلزال فطبيعة الحال تهدّم المنطقة التي حصلت فيها بمن عليها مستحقين العذاب وسواهم ، ولكنه عذاب للظالمين وتكفير أو ترفيع درجة لسواهم.
ونحن نرى طوال التاريخ أخذات إلهية دون تلك المؤاخذة الشاملة ، وقد اختصت أحيانا بالظالمين أنفسهم لا سواهم ، كاخذ فرعون وعاد وثمود واصحاب الرس وقرون بين ذلك كثير ، وطبعا بما معهم من دابة يستفيدون منها ، واخرى تعدت الى غيرهم ، سواء الساكتين عن الظلم كتاركي النهي عن المنكر في اصحاب السبت : (وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ. فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٧ : ١٦٦) حيث النجاة اختصت بالناهين عن السوء ، فتاركوا النهي غير ناجين ، مهما اختص مقترفو الظلم ب (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ).
وثالثة تتعدى إلى سواهم ، من غير المستحقين العذاب ، ابتلاء ام ترفيع درجة كالبراكين والزلازل والصواعق ، ذلك ، فمن الهراء ما يفترى على رسول الهدى «لو ان الله يؤاخذني وعيسى بن مريم بذنوبنا ـ او ـ بما جنت