الاصلية كالواجبات الاصلية ولا تقبل النسخ في أية شرعة وعلى أية حال.
ثم (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ) عطف للجملة على الجملة السالفة «والأعناب» عطف على «ثمرات» دون «النخيل» فانها هي الثمرة دون النخيل ، و (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ) راجع الى البعض المعين من «من ثمرات».
والسكر ـ وهي مادة السّكر ـ محرم على اية حال ، سواء المتخذ من النخيل والأعناب وهو الكثير المتعود منه ، ام من غيرهما ، لأنه بنفسه رزق سيء أيا كان مصدره.
ومن السكر ان تأكل العنب لحدّ تسكر عند اهتضام الطعام ، ام في حرارة الشمس وسواها ، فكل ما يسكر بمادته او كثرته سكر فمحرم ، فمنه ما يحرم قليله وكثيره كسائر السكر ، ومنه ما يحرم كثيره حيث الكثرة تسكر ، كالعنب او التمر الكثير حيث يسكران في ظروف خاصة ، والمسكر أيا كان حرام خمرا وسواها.
وانما هو آية لقوم يعقلون ، حيث العقل هو العقال ، ففي عقال هذه الأرزاق المختلفة عن اصل واحدة يعقل ان المؤصّل والمفرّع له واحد ، خلقه هكذا باختيار قاصد دون صدفة عمياء او فوضاء.
فمختلف الأناسي الصادرين من مصدر واحد هو الإنسان الاوّل دليل القصد والارادة في الخلق ، عبرة للمبدء ، وعبرة للمصير ، نضدا لكل وليد عشير مع الآخرين ، ومتأصلا في اصل واحد ، فكما ان اللبن الخالص مع الدم يخرجان من بين الفرث ، فاللبن يخرج من بين فرث ودم ، كذلك السكر ورزق حسن يخرجان من ثمرات النخيل والأعناب ، فهما عشيران في ثمرات النخيل ثم الله يخرج حسنه من بين سيّئه ، كذلك الله يخرج اجزاء الإنسان الصالحة للحشر من بين الاجزاء الدخيلة الخليطة معها لتحقيق الثواب والعقاب بعد حق الحساب في المصير ، والله على كل شيء قدير.