لمكان «من» تعم بيوت الأثاث وبيوت السكن ، وهما من الساكنة الثابتة ، إذا فهي سكن في بعدي أنفسها وساكنيها.
ثم (مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها) وهي البيوت المستخفة المتحولة ، فهي غير سكن في أنفسها ، وسكن لإنسانها وأثاثه (تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) وشخوصكم بأشخاصكم وأثاثكم ، والظعينة هي الهودج لأنها متنقلة (وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) بطيّات شخوصكم في الطرق ، ام في محال اقامتكم.
فلا عبء لكم فيها ظعنا واقامة لأنها بيوت مستخفة معمولة من جلود الانعام وهي الأنطاع.
(وَمِنْ أَصْوافِها) للضأن «وأوبارها» للإبل «وأشعارها» للمعز ، أما هيه من صاحبات الأصواف والأوبار والأشعار من مختلف الانعام ـ جعل من ذلك كله «أثاثا» لكم : طنافس وبسطا وثيابا وكسوة أما هيه من الأثاث «ومتاعا» آخر غير الأثاث ، تتمتعون به «الى حين» ارتحالكم الى الله.
هنا (مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) تعم كافة البيوت السكنيّة من اي الصنوف كانت وأيان ، والى هذا الزمان وما تستقبلنا من ايام تقدم العلوم والصناعات في عمارة مختلف البيوت.
ثم (مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ ...) هي بعض البيوت المتحركة الظاعنة ، كما هي البعض من كل البيوت ، لمكان «من» الصالحة لكلا البعضين ، فتشمل البيوت المتنقلة المتحضرة الحاضرة والمستقبلة ، برية وبحرية وجوية ، من جلود الانعام وغيرها من مختلف المواد وهي كلها من إنعام الله تعالى وأنعامه ، كما العقول والعلوم وكافة الوسائل المصطنعة والمخترعة هي كلها من نعم الله.