والسكن والطمأنينة في البيوت ، ساكنة ومتنقلة ، نعمة لا يقدرها حق قدرها إلا الشاردون الذين لا بيوت لهم لا ساكنة ولا متنقلة ، فالتذكير به يمس المشاعر الغافلة عن قيم هذه النعم.
ومن سكن البيوت المعنية هنا بإطلاق السكن السكينة النفسية والاطمئنان الشعوري ، اضافة الى السكن بدنيا ، وهكذا يريد الله من سكن البيوت ان تكون مريحا تطمئن إليه النفس وتأمن بكفاية بدنية ونفسية ، فردية لمن يعيش فردا ، وجماعية لمن يعيش مع أهله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٣٠ : ٢١).
فليست البيوت امكنة الشقاق والخصام والنفاق ، وانما هي مأمن سلام لرفاق بكل وفاق ، فلا يسكن فيها إلا متلائمون ، ولا يدخلها داخل من غير أهلها إلا باستئذان وسلام ووئام ، دون تقحم فيها ، او تطلع عليها ، تجسسا على أهليها ، ام تحسسا عما يبتغى فيها ، فيروّع أمن ساكنيها ، ويخلّ بالسكن المطلق المطبق الذي يريده الله منها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٢٤ : ٢٧).
إذا فالجعل هنا في «جعل» يعم التكوين والتشريع ، بغية الأمن الشامل الكامل ، وبيتوتة الأرواح الى بيتوتة الأبدان.
ثم وذكر المتاع الى جانب الأثاث (مِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها) فيه استعراض ما يلبّي الحاجيات الضرورية والأشواق ، حيث تشي بالتمتع والارتياح ، ومن الأثاث المتاع ومتاع الأثاث الفرش الصوفية ، يدوية ومكنيّة ، والملابس المصنوعة من كل من الثلاث.
ومن ثم يرق التعبير العبير في جو المسكن والطمأنينة : سكنا وأثاثا