وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) (١٠ : ٢٩) (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) (١٩ : ٨٢).
إذا فلا واقع لشرك لهم بالله ، ولا عبادتهم من دون الله ، فإنهم انما عبدوا أهوائهم فخيّل إليهم انهم يعبدون شركائهم ، فأصبحوا صفر اليدين من إشراك وعبادة ، وحتى الطواغيت الذين دعوهم الى أنفسهم ، إذ لم يستجيبوا لهم إلا اجابة لأهوائهم ، فهم ـ إذا ـ عابدوا أهوائهم.
ثم (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) لا تحتمل ان المشركين هم الملقون ، حيث الطواغيت ـ فقط ـ هم الذين يكذبون في دعواهم ، دون الأصنام التي لا دعوى لها ، فضلا عن الصالحين الداعين الى توحيد الله فكيف هم يكذّبون في يوم الله.
ام هم يكذبّون طواغيتهم ضمن ما يكذّبون من قبل كافة المعبودين ، وإلقاء القول هو إخراج الكلام مع ضرب من الخضوع والاستكانة والإسرار والخفية تخوفا من الله ، وكشفا للحق في يوم الله شاءوا أم أبوا.
واحتمال ثالث في «القوا إليهم» ان العابدين ألقوا الى أنفسهم القول (إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) خطابا لأنفسهم ، وانما «إليهم» حتى تضم المعنيين الأولين ، والجمع بين الثلاثة محتمل لفظيا وصالح معنويا ، ان العابدين يكذّبون من قبل المعبودين ويكذّبون هم أنفسهم وطواغيتهم في اتخاذهم آلهة ، ودعواهم انهم آلهة ، فهم ـ إذا ـ في ثالوث التكاذب ، ثم :
(وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) ٨٧.
«ألقوا» كل من العابدين والمعبودين (إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) ولا ينفع يومئذ السلم إلا لمن ألقى اليه السلم يوم الدنيا ، كالملائكة والنبيين المعبودين ، واما العابدون فلا ينفعهم السلم بعد ما ماتوا مشركين (وَضَلَ