عَنْهُمْ) العابدين (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من ألوهة هؤلاء المعبودين وعبادتهم : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٦ : ٩٤) (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(١٠ : ٣٠) ولماذا هناك (أَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) وهنا «ألقوا القول»؟
لان قول السلم لا يكفي هناك ، بل هو واقع السلم في كافة أبعاده ، مهما لا ينفعهم ان كانوا هم المشركين العابدين ، كما و «يومئذ» تجعلهم أصلا في الملقين وكانوا قبل اليوم من الملغين.
ولكن التكذيب من العابدين والمعبودين يكفيه القول (إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) دون إلقاء لواقع الكذب إذ ليس بأيديهم.
وعلى اية حال (أَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) استسلاما له عن ضرع ذلة وانقطاع حيلة.
وكما يقال : ألقى يد العاني ، اي : ذل ذلّ الأسير ، وخضع خضوع المقهور.
ولا ينتهي ذلك الموقف العسيب إلا بتقرير مضاعفة العذاب لهم بما كانوا يفسدون كما هم فاسدون :
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) ٨٨.
فهنالك عذاب لكفرهم أنفسهم وهو «العذاب» و (عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ) لصدهم عن سبيل الله على قدره (بِما كانُوا يُفْسِدُونَ).
فكما العذاب الاول ليس إلا قدر الكفر ، كذلك الذي فوقه هو قدر الإفساد ، وهو اكثر منه حيث يخلّف فسادا جماعيا كسنة سيئة عليهم منها مثل العذاب الذي على المضلّلين بهم ، وقد تلمح لعظمه تنكير «عذابا» ولمحة