حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ١٢٢ ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ١٢٣.
ف «شاكرا» هي حالته على أية حال ، و «لأنعمه» تعم كافة النعم الربانية ، فلذلك «اجتباه» على من سواه (وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) نبوءة ورسالة ونبوّة وإمامة وخلة أمّا هيه من هدى ربانية.
ولماذا «لأنعمه» جمع قلّة دون «نعمه» : جمع كثرة؟ حيث الشاكر نعمة الله مهما بلغ من الشكر ذروته ليس ببالغ إلّا ذرته (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) فضلا عن شكرها ، ثم وادب العبودية الصالحة يعني معنى القلة ، استصغارا للشكر ، واستعظاما للنعم بنعمته ، وكما يقول أول الشاكرين والعابدين «ما عبدناك حق عبادتك».
فعلى الجملة (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا) حياة (حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) وهو الصلاح القمة كما هو للأئمة بين المرسلين كنوح وموسى والمسيح ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على درجاتهم.
وفي كونه من الصالحين تحقيق لدعوته (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (٢٦ : ٨٣) فالملحق اليه هو حقا الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله المعصومون ، فإنهم أئمته في كافة الدرجات مهما تأخروا عنه في الولادات وكما يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين».
«ثم» بعد هذه المراحل التسع لإبراهيم الخليل (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) حنيفا أنت كما هو وزيادة تناسب محتدك الرسالي (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
أترى رسول الهدى وهو في أعلى قمم العبودية والمعرفة الرسالية يتبع ملة ابراهيم ، وهو رسول اليه وولي عليه كما هو على سائر النبيين : (وَإِذْ