تحليل حول رفع اليد إلى السّماء فِي الدعاء
أحد آداب الدعاء رفع الأيدي إلى السماء ، وهكذا كانت سيرة النبيّ صلىاللهعليهوآله إذ كان يرفع يديه عند الدعاء أحيانا إلى الحدّ الذي كان يُرى فيه بياض إبطَيه. ١ وَمَثله في طلب حاجته من اللّه سبحانه مَثَل بائس مسكين يرفع يديه ليطلب من أحد شيئا.
ويبرز هنا سؤال وهو : لِمَ يرفع الداعي يديه إلى السماء عند الدعاء واللّه موجود في كلّ مكان؟
وخالَ البعض أنّ رفع اليدين إلى السماء علامة الاعتقاد بتجسيم الحقّ تعالى وتحديد مكان له في حين أنّ الجسم والمكان من صفاته السلبيّة سبحانه وتعالى ، فهو ليس جسما ، ولا يخلو منه مكان ، فلا تفاوت بين رفع اليدين في الدعاء وبين تركهما مُسبَلَتَين ، لذلك أنكروا هذا الأدب.
وتدلّ أحاديث هذا الباب على أنّ هذا السؤال كان يؤخذ مأخذ الجدّ في عصر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. نُقل عن أنس أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يرفع يديه بالدعاء عند الاستسقاء لا غيره (صحيح البخاري : ج ٣ ص ١٣٠٧ ح ٣٣٧٢). ورُوي عن سليمان بن داوود قوله : لم يُحفَظ عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله أنّه رفع يديه الرفع كلّه إلاّ فى ثلاثة مواطن : الاستسقاء ، والاستنصار ، وعشيّة عرفة. ثمّ كان بعد رفع دون رفع (المراسيل : ص ١٢٤ ح ١٣).
ونظرا إلى الأحاديث المارّة في هذا الباب ينبغي أن نقول : كان صلىاللهعليهوآله يرفع يديه في الحالات المهمّة. وقلّما رفعهما في غيرها. وأحيانا لم يرفعهما. وحديث أنس قياسا بسائر الأحاديث يحتّم علينا أن نقول : إنّ ما قاله هو مشاهداته الشخصيّة ، ولا يغاير ما رواه سواه.