تحليل حول منع الدعاء للمشركين والكافرين والظّالمين
لقد مرّ في الباب الماضي أنّ المشركين ، والكافرين ، والظالمين هم ممّن لا ينبغي الدعاء لهم. والسؤال الذي يُطرَح في هذا الشأن هو أنّ الدعاء في الحقيقة طلب الخير من اللّه للآخرين ، فَلِمَ لا يطلب المسلم الخير حتّى لمن لا يتّفقون معه في العقيدة ، وأيضا للظالمين والجائرين؟ فهم مهما كان من بني البشر ، ونحن نقرأ أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لمالك الأشتر ـ رضوان اللّه عليه ـ في عهده إليه :
وأشعِر قَلبَكَ الرَّحمَةَ لِلرَّعِيَّةِ ، وَالمَحَبَّةَ لَهُم وَاللُّطفَ بِهِم ، ولا تَكونَنَّ عَلَيهِم سَبُعا ضارِيا تَغتَنِمُ أكلَهُم ؛ فَإِنَّهُم صِنفانِ إمّا أخٌ لَكَ فِي الدّينِ أو نَظيرٌ لَكَ فِي الخَلقِ. ١
ولا ريب أنّ من المصاديق البارزة للرحمة ، والمحبّة ، واللطف ، وطلب الخير لمن لم يختاروا سواء السبيل في حياتهم الدعاء من أجل هدايتهم وسعادتهم ، فلماذا لا ينبغي الدعاء للمشركين والكافرين؟
والجواب هو أنّ الذين مُنُوا بالانحرافات العقيديّة والعمليّة في حياتهم هم بعامّة صنفان :
الأوّل : المستضعفون ، وهم الذين انحرفوا بسبب جهلهم وفقدهم الإمكانيّات اللازمة لمعرفة الحقّ واتّباعه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. نهج البلاغة : الكتاب ٥٣.