توضيح حول رفع الصّوت بالدّعاء
الدعاء كلام مع من ليس أحد أقرب إلى الإنسان مثله ١ ، بل هو أقرب إليه من حبل الوريد ٢. من هنا يُعدّ رفع الصوت بالدعاء خلافا للأدب ، كما أشار النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى هذه النقطة قائلاً :
اِربَعوا عَلى أنفُسِكُم ، إنَّكُم لا تَدعونَ أصَمَّ ولا غائِبا ، إنَّكُم تَدعونَ سَميعا قَريبا ، وهُوَ مَعَكُم. ٣
على هذا الأساس ، إذا كان في رفع الصوت بالدعاء أذىً للناس فهو مذموم بل محظور عقلاً ونقلاً. ٤
ويُثار هنا سؤال ، وهو : إذا كان رفع الصوت بالدعاء مذموما ، فَلِمَ كان الأئمّة يرفعون أصواتهم بالدعاء أحيانا كما مرّ في بعض الحالات من سيرتهم؟
والجواب هو أنّ ذمّ رفع الصوت موضوع عرفيّ ، فلطبيعته ومقداره أثر في حكم العرف. وشتّان بين من يطلب حاجته من اللّه بصوت عالٍ ونبرة مسيئة للأدب كالدائن الذي يريد من غريمه شيئا ، وبين من يطلبها بأدب ووقار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ) (البقرة : ١٨٦).
٢. (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (ق : ١٦).
٣. راجع : ص ٩٩ ح ٢٥٦.
٤. راجع : موسوعة ميزان الحكمة : الإيذاء / العبادة المؤذية.