كلام حول استعمال فنّ الأدب في الدّعاء
إنَّ الدّراسة للأدعية المأثورة عن النبيّ وأهل البيت عليهمالسلام ١ تدلّ على أنّها لم تزخر بأسمى المفاهيم المعرفيّة في محتواها فحسب ، بل إنّ كثيرا منها يعدّ من الروائع الأدبيّة لعصر صدر الإسلام في جمالها وجاذبيّة ألفاظها أيضا.
وإنّ استخدام الفنون الأدبيّة في صياغة ألفاظ الدعاء في الأساس يزيد من جاذبيّتها ، ويعزّز ارتباط الداعي باللّه تعالى أكثر فأكثر.
من هنا فإنّ القصد من النهي عن السجع في الدعاء الذي جاء في الأحاديث الملحوظة تكلّف الإنسان في سبك الألفاظ الجميلة واستعمال المحسِّنات اللفظيّة والمعنويّة ، ولا سيّما عند قراءة الدعاء ، فلا تُبقي للداعي خشوعا ، كما انّها تغاير روح الدعاء. وفي هذا الشأن يقول المحدّث الكبير والفقيه الربّانيّ الفيض الكاشانيّ :
«اعلم أنّ المراد من السجع هو المتكلَّف من الكلام؛ فإنّ ذلك لا يلائم الضراعة والذلّة ، وإلاّ ففي الأدعية المأثورة عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله كلمات متوازنة ، لكنّها غير متكلّفة ، كقوله صلىاللهعليهوآله : «أسأَ لُكَ الأَمنَ يَومَ الوَعيدِ ، وَالجَنَّةَ يَومَ الخُلودِ مَعَ المُقَرَّبينَ الشُّهودِ ، وَالرُّكَّعِ السُّجودِ ، وَالموفينَ بِالعُهودِ ، إنَّكَ رَحيمٌ وَدودٌ ، وأنتَ تَفعَلُ ما تُريدُ» ، وأمثال ذلك ، فليقتصر على المأثور من الدعوات ، أو ليلتمس بلسان التضرّع من غير سجع ولا تكلّف ، فالتضرّع هو المحبوب عند اللّه». ٢
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. سنتعرّض لهذا الموضوع قريبا في نهج الدعاء إن شاء اللّه تعالى.
٢. المحجّة البيضاء : ج ٢ ص ٢٩٣.