أمّا المعاندون فالدعاء لهم غير ممدوح ، وليس هذا فحسب بل مذموم ومحظور أيضا ، بل الدعاء عليهم لازم وضروريّ. ذلك أنّ الدعاء لمعاندي الحقّ والعدل فإذا كان من أجل دنيا اُولئك وسلامتهم وطول عمرهم فهو في الحقيقة دعاء لتوسيع نطاق الكفر ، والشرك ، والظلم ، والفساد في الأرض ، كما روي عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قوله :
مَن دَعا لِظالِمٍ بِالبَقاءِ ، فَقَد أحَبَّ أن يُعصَى اللّه في أرضِهِ. ١
أمّا إذا كان لأجل هداية اُولئك واصلاحهم فلا فائدة في ذلك ، لأنّ هؤلاء لا يرجى منهم قابلية للهداية والاصلاح ، ومن الممكن أن يلحق ذلك تبعات ونتائج سياسية واجتماعية ضارّة وغير محمودة. وروي عنه صلىاللهعليهوآله حديث آخر قال فيه :
يَأتي عَلَى النّاسِ زَمانٌ يَدعو فيهِ المُؤمِنُ لِلعامَّةِ ، فَيَقولُ اللّه تَعالى : اُدعُ لِخاصَّةِ نَفسِكَ أستَجِب لَكَ فَأَمَّا العامَّةُ فَإِنّي عَلَيهِم ساخِطٌ. ٢
ورغم أنّ هذا الحديث ضعيف من حيث السند ولكنّه إن كان في وصف مجتمع تكون الغالبية من أفراده ظالمة ومعرضة عن الحقّ ، فلا بأس بمضمونه ، (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ). ٣
على هذا الأساس ، كان أولياء اللّه لا يدعون لحماة الباطل وأعداء الحقّ والعدالة ، بل يدعون عليهم. ويتناول الباب الثاني حتّى الباب الثاني عشر من الفصل الخامس في هذه المجموعة هذا الموضوع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. راجع : ص ٤١٤ (من لا ينبغي الدعاء له / الظالم).
٢. حلية الأولياء : ج ٦ ص ١٧٥ عن أنس ، كنز العمّال : ج ١١ ص ١٩١ ح ٣١١٧٦.
٣. الرعد : ١١.