ثم نقرأ ما تنقط جميع الحروف بالجزم الكبير. وإذا فرغت من القراءة في الليل قبل النوم ، فنضع الجدول تحت رأسي ، ويأتيني في النوم من يخبرني بالجواب مما أضمرته في نفسي (١٤٩). قال إنه يصدق فيما يجوب به ، ويحتمل أنه كان يعمل نصبة على المسألة ويظهرها ليظن أن الجواب استخرجه منها. ومما رأيت ببريش امرأتين تركيتين : إحداهما عجوزة ، والأخرى من نحو أربعين سنة ، وهي مشغولة بالأشغال العجيبة (١٥٠) للسلطان. وكانت النساء جميعا تتعجبن من حسن شغلها ، وضرفها في الرقم. وكانت تأخذ من عند السلطانة كل يوم ريالة كبيرة ، وسألتها عن السبب الذي جاءها من بلاد المسلمين (١٥١) إلى بلاد الفرنج ، قالت كنا في البحر قاصدين الحج وأخذنا النصارى وأتوا إلى البندقية ، وكتب رسول سلطان فرنجة ، وأعلم السلطانة بشغلها ، وبعثت له يرسلنا إليها ، ثم أن السلطانة ونساء الأكابر دعوها إلى دينهم ، ودخلت فيه ، فقلت لها : ما ألهمني الله في أمور الأديان ، وأنه لا ينجو الآن أحد إلا في دين الإسلام ، وأتيت لها ببراهين على ذلك (١٥٢). وهي كانت تقرأ بالعربية والعجوز كذلك قالت : إنها كانت من الدار الكريمة للسلاطين بإصطنبول (١٥٣). ونادتني يوما ، وبعد الطعام العجيب ، قالت لي : أطلب منك حاجة لوجه الله تعالى ، قلت لها : اذكري حاجتك ، قالت لي : تدبر علي لنمشي إلى بلاد المسلمين ، قلت لها : وتسمح لك السلطانة في الانتقال؟ قالت : ما تسمح لي أبدا ، قلت لها : إن شاء الله أدبر عليكما حتى ترجعا إلى بلاد المسلمين. حينئذ ودعتهما ،
__________________
(١٤٩) كتب في الطرة : وقد حكم علي تاريخه ... بإشبانيه ... من أكابر ... بأن عمري يكون من أربعين إلى خمسين سنة ، ووجد في مراكش الشيخ أحمد المعيوب على مقتضى كتب الأحكام أنا نعيش ست وستين سنة ، واليوم بلغت إلى أربع وسبعين سنة قمرية ...
(١٥٠) «ب» : العجمية.
(١٥١) «ب» : جاء بها من بلدها إلى بلاد الفرنج.
(١٥٢) «ب» : وقالت أنها كانت تقرأ بالعربية.
(١٥٣) «ب» : بالقسطنطينية.