الباب الثاني عشر
فيما اتفق لنا في مصر مع راهب عالم كان بالغا
في فنون العلم ويقرأ بالعربية وأيضا ما وقع لي من المكاتبة لراهب من
أكابر علماء النصارى بمراكش
وذلك أنه جاء في البحر في سفينة من الهنود ، قاصدا إلى بلاد الأندلس ، ليحضر في الديوان الكبير للقسيسين ، ليبعثوا الرهبان لأقطار الدنيا (١٨٥) ، كما هي من عادتهم ، لأنهم لا يتركونهم (١٨٦) للسكنى في البلاد التي يمشون إليها ، إلا نحو العامين أو ثلاث (١٨٧) ، ثم يرحلونهم (١٨٨) إلى بلاد غيرها. ورايس السفينة جاء إلى مرسى أزمور من بلاد المسلمين ، وظن أنها من بلاد النصارى ، ودخل فيها وبقي أسيرا هو وجميع من كان في السفينة ، ومن جملتهم الراهب الكبير ، وأتوا [ا] بالجميع إلى مراكش ، وقبل أن جاء ، كنت تكلمت مع السلطان مولاي زيدان ـ رحمهالله ـ في فداء راهب أسير ، ودفع المال في فدائه ، وذهب إلى بلاده ، وفرحت بذلك ، بأنه كان يثبت كل من يسلم من النصارى في دين الكفار في خفاء من الناس ، ولو تحقق سلاطين المسلمين من سوء فعل القسيسين ، والرهبان ، وأنهم يحتالون على أكثر من يرجع مسلما من النصارى ليرتد في خفاء عن دين الإسلام ، وأن يكون عدوا للمسلمين ، لا يتركون أبدا واحدا منهم في بلادهم. وهذه نصيحة مني إليهم. وما قلت فيهم فهم صحيح لا شك فيه. ثم إن الراهب الذي جاء من الهنود بلغه الخبر بأني تكلمت في فداء الراهب الذي كان قبله وانفدا ، ومشى. وبعث لي كتابا
__________________
(١٨٥) «ب» : لأقطار بلدهم.
(١٨٦) «ب» : لا يتركون.
(١٨٧) «ب» : أو ثلاث سنين.
(١٨٨) «ب» : يرحلون.