الباب الثالث عشر
في ذكر ما أنعم الله تعالى علي من فضله
في بلاد الأندلس وغيرها من البلاد
اعلم ـ رحمك الله تعالى ـ أن هذا الباب توقفت فيه من وجوه. وكنت نتردد فيه من وجوه بما نعرف من نفسي من التقصير والجهل والذنوب ـ نسأل الله المغفرة والسعادة ـ ولكن بعد أن رأيت ما أنعم الله تعالى به علي من اليقين في الاعتقاد في توحيده ، ولا سيما بعد أن طالعت كتب الأديان الثلاثة ، حتى لم يبق للنفس والشيطان بابا ، من كثرة بيانها من الكشوف والأوهام والظنون في دين الإسلام ، حتى تمنيت لكثير من المسلمين أن لو كانوا كذلك. وكنت نتردد في ذكر بعض الأمور ، لما ذكر السنوسي (٢١٦) ـ نفع الله به ـ في شرح الصغرى في التوحيد ـ في باب ذكر الله ـ : إن بعض من أنعم الله عليه من الملازمين لقول لا إله إلا الله محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يجد تحت السجادة دراهم حتى شهر ذلك انقطع عنه. وكنت إخاف أني إذا ذكرت أمرا مما أنعم الله تعالى علي به يعينني على عبادته يذهب عني حتى رأيت ليلة في النوم أني أتلو آيات من القرآن العزيز إحداهن (كذا) ، قوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(٢١٧) ، والثانية : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ، أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(٢١٨).
والثالثة : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً ، فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ)(٢١٩).
__________________
(٢١٦) انظر ترجمته عند م. بن عسكر ، دوحة ، ١٢١ ـ ١٢٢ رقم ١١٨.
(٢١٧) سورة الضحى ، الآية ١١.
(٢١٨) سورة فصلت ، الآية ٥٣.
(٢١٩) سورة ص ، الآية : ٤٣.