الباب العاشر
في مناظرات اليهود ببلاد فرنجة وفلنضس
اعلم أن اليهود الذين هم بتلك البلاد كان أصلهم ، في قديم الزمان وفي زمننا ، ببلاد الأندلس. وأكثرهم ببرتغال. وكانوا في الظاهر نصارى ، وفي خفاء منهم يهود. وكانوا يخفون أنفسهم بين النصارى أكثر من الأندلس. ويقرؤون العلوم بالعجمية ، ولا يتكلمون إلا بها ، ويدركون بالعلم بعض المراتب. وإذا أدرك أحدهم أمرا ليتحكم على الناس يضربهم كثيرا لا سيما بالأندلس ، حتى أن الناس إذا لحقهم ضرر ممن يحكم سواء كان الحكم على النصارى أو على الأندلس يبحثون عن أصله ، ويجدونه يهوديا مخفيا أو من سلالتهم ، إما من الأبوين أو من جهة أبيه أو أمه ، لأنهم من أجل الرياسة والطمع كانوا يختلطون في التزويج مع النصارى ، ويعطون بناتهم ، ويتزوجون منهم. وجميع اليهود فيهم من الكبر الخفي ما لا كنت نظن فيهم ، حتى رأيتهم بالبلاد المذكورة ، وهي فرنجة وفلنضس. وفيها هم أشهر مما هم ببلاد الفرنج لأن لكم الإذن في نقل السلاح ، واللباس مثل أهل فلنضس. والتقيت في مدينة برضيوش بفرنجة ببعض علمائهم وبلغوا وأطنبوا في مدح دينهم حتى رأيت أنه لا يكفيني في رد عليهم من كتبنا إلا إذا كان من كتبهم فهو أقوى وأبلغ كما اتفق لي مع النصارى. فاتصلت بالتوراية باللسان العجمي الأندلسي ، ووجدت فيه مسائل كثيرة للرد عليهم منها ، ففي التوراية الكتب الخمسة الأوائل فهي منسوبة لسيدنا موسى عليهالسلام ، وفيها أمور دينهم وجميع كتب التوراية بالخمسة التي ذكرت أربعة وعشرون كتابا ولم نر في جميعها ذكر جنة ولا نار ، ولا عذاب الآخرة ، بل فيها المدح التام لبني إسرائيل ، حتى قال فيها : لا تأخذ ربا أو طالعا في المال من أحد من بني إسرائيل ، ويجوز الأخذ من غيرهم. ووجدت في أحد الكتب الخمسة أن الرجل إذا جامع زوجته وجب عليهما غسل جميع الجسد بماء طاهر ، وكذلك من خروج المني. وأن المرأة وجب عليها من الحيضة أيضا. ووجدت فيها أن الله يدخل جن الجنة. وسألت علماءهم في تلك البلاد وغيرهم على هذا المذكور في التوراية المسمى بجن ، وان الله