الباب الرابع
في قدومنا إلى بلاد الفرنج
ولما أن دخلنا البحر سافرنا إلى أن تركنا بلاد المغرب عن يميننا ، ثم عبرنا في البحر المحيط إلى جهة القطب الشمالي ، وتركنا أيضا بلاد الأندلس عن يميننا ، وبلغنا إلى بلاد الفرنج إلى مرسى هبردي غرسي ـ معنى ذلك الاسم مرسى البركة ـ بعد ثلاثين يوما من خروجنا ، وبتنا في السفينة بنية الخروج في البر في غد ، وتلك الليلة على طولها نرى في النوم أني كنت نتلوا سورة (الإخلاص) ، وبعد أن نزلنا في البربان لي أن قراة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) كان لي تثبيتا على التوحيد ، والأمر من الله تعالى به إذ كنا نازلين ببلاد الشرك ، ثم مشينا إلى مدينة روان ، وجاء إلينا تاجر كنت عرفته في مراكش اسمه فرط ، ولطول مكثه ببلاد المسلمين كان يعرف العربية غاية ، وبدا يتكلم في دين المسلمين ، ويشكر دينه. وقال : المسلمون في دينهم مباح الزنا والسرقة ، قلت : هذا باطل ، قال : بل صحيح لأني سمعت علماءكم يقولون أن بعضا سأل نبيكم ، قال : المومن يزني؟ قال له : يزني ، قال : والمومن يسرق؟ قال : يسرق ، قال أيضا : المومن يكذب؟ قال له : المومن ما يكذب. قلت له : المومن الذي ما يكذب فلا يسرق ولا يزني ، وكيف تقول ذلك وعندنا أن من سرق ما يساوي ربع دينار تقطع يده شرعا ، وإذا زنا المحصن يرجم إلى أن يموت. ثم زاد في مدح دينه إلى أن قال : سيدنا عيسى عليهالسلام كان ابن الله ، وابن إنسان ، وأنه مات ليخلص الذنب الأول عن سيدنا آدم عليهالسلام ، قلت : أقول لك في الجواب شعرا نسبه بعض للقاضي عياض ، وهو هذا :
عجبا للنصارى في نبيهم |
|
وإلى أي والد نسبوه |
أسلموه إلى اليهود وقالوا |
|
إنهم بعد صلبه قتلوه |