وقال الفرّاء فى قوله تعالى : (فَجاءَها بَأْسُنا) (١) إذا كان الشيئان يقعان فى حال واحدة نسقت بأيهما شئت على الآخر بالفاء كقولك : أعطيتنى فأحسنت ، وأحسنت فأعطيتنى ؛ لا فرق بين الكلامين ؛ لأن الإحسان والإعطاء وقتهما واحد.
قال أبو سعيد (٢) : وهذا مشبه الذي بدأت به فى تفسيره ، إلا أنه متى جعلنا أحدهما شرطا جاز أن يجعل الآخر جوابا ، فتدخل الفاء حيث جاز أن تكون جوابا ، كقولك : إن أعطيتنى أحسنت ، وإن أحسنت أعطيت ، وإن يعط فإنه محسن ، وإن يحسن فإنه معط.
وقال غير الفراء فى قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) (٣) / : معناه / ثم كان قد استوى على العرش قبل أن يخلق السموات والأرض.
وهذا يشبه الجواب الذي حكاه الفرّاء فى قوله : (فَجاءَها بَأْسُنا) (٤).
وقالوا فيها جوابا آخر ، على جعل «ثمّ» للتقديم ، تقديره : هو الّذى خلق السّموات والأرض ، أي أخبركم بخلقهما ، ثم استوى ، ثم أخبركم بالاستواء.
ومثله : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) (٥) أي : فأخبرهم بالإلقاء ، ثم أخبرهم بالتّولّى.
__________________
(١) الأعراف : ٤.
(٢) انظر الحاشية (٢ ص ٩٩) من هذا الجزء.
(٣) الحديد : ٤.
(٤) النمل : ٢٨.