على حدها فى قولهم : جئت بلا مال ، وأبت بلا غنيمة. فنفيت ما أثبت من حيث كان النفي ب «لا» عامّا منتظما لجميع الجنس. فلما لم يستقم حمله على الجنس لتدافع العارض فى ذلك حكمت بزيادتهما ، فصار التقدير : حين حين. وهو من باب : حلقة فضة ، وخاتم حديد ؛ لأن الحين يقع على الزمان القليل كالساعة ونحوها ؛ وعلى الطويل كقوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) (١) وعلى ما هو أقصر من ذلك كقوله تعالى : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) (٢). فصار : حين حين ، كقوله :
ولو لا يوم يوم ما أردنا
ومنه قول الشماّخ :
أعايش ما لأهلك لا أراهم |
|
يضيعون الهجان مع المضيع (٣) |
وروى التّوّزىّ عن أبى عبيدة أن «لا» زائدة.
ومنه قول المرّار ، بيت الكتاب (٤) ـ :
ولا ينطق الفحشاء من كان منهم |
|
إذا جلسوا (٥) منّا ولا من سوائنا |
__________________
(١) الدهر : ١.
(٢) إبراهيم : ٢٥.
(٣) الديوان (ص ٥٦). وفيه : «ما لقومك» مكان «ما لأهلك». وعائش : ترخيم : عائشة ، وهي امرأة الشماخ.
قال ابن فارس : «وأما قول أبي عبيدة في شعر الشماخ أن «لا» زائدة فقط ، لأنه ظن أنه أنكر فساد المال وليس الأمر كما ظن. وذلك أن الشماخ احتج على امرأته بصنيع أهلها أنهم لا يضيعون المال ، وذلك أنها قالت له : لم تشدد على نفسك في العيش حتى تلزم الإبل وتعذب فيها فهو عليك. فرد عليها فقال : ما لي أرى أهلك يتعهدون أموالهم ولا يضيعونها بل يصلحونها وأنت تأمرينني بإضاعة المال!».
(٤) الكتاب (١ : ٢٠٣).
(٥) في الكتاب : «إذا قعدوا».