ومن هذا الباب قوله : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ)(١)
قوله (فِي النَّارِ) لا يخلو من أن يكون متعلقا ب «يوقدون» أو بمحذوف ؛ فلا يجوز أن يكون تعلقه ب «يوقدون» من حيث لا يستقيم «أوقدت عليه فى النار» إلا أن الموقد عليه إنما يكون فى النار. فيصير (فِي النَّارِ) على هذا غير مفيد ، وكذلك (فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ) (٢).
وكما أنه لو قيل هنا : أوقد لى يا هامان على الطين فى النار ، لم يستقم. كذلك الآية الأخرى.
وإذا كان كذلك ثبت أن تعلق «فى النار» من قوله : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ) (٣) إنما هو المحذوف ، والظرف الذي هو «فى النار» فى موضع حال. وذو الحال الهاء التي فى «عليه» أي ومما يوقدون عليه ثابتا فى النار ، أو كائنا فى النار. ففى قوله «فى النار» ضمير مرفوع يعود إلى الهاء التي هى اسم ذى الحال.
ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) (٤) الجار فى قوله (فِي بُطُونِهِمْ) حال من المذكور ، وكان وصفا له كقوله :
لميّة موحشا طلل (٥)
__________________
(١) الرعد : ١٧.
(٢) القصص : ٣٨.
(٣) الرعد : ١٧.
(٤) النساء : ١٠.
(٥) البيت لكثير ، وعجزه : (يلوح كأنه خلل).