وعندى أنه على الاستثناء المنقطع ، وليس على : تغلو غلوّا غير الحق ؛ لأن «غلوا» نكرة ، وإن كان لا يتعرف فى غير هذا الموضع بالإضافة ، فقد تعرف هنا ، إذ ليس إلا الحق أو الباطل.
ومن ذلك قوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ) (١) يجوز أن يكون «من» زيادة على قياس قول أبى الحسن. ويجوز أن يكون على حذف الموصوف ، أي : وأوزارا من أوزار الذين يضلونهم. ويؤكد هذا قوله : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) (٢) ، فكما أن «مع» صفة فكذلك الجار هاهنا.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) (٣) أي : ما تتخذون ، فحذف «ما» وهو موصوف.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) (٤) أي : ارحمهما رحمة مثل رحمة تربيتهما / إياى صغيرا ؛ فحذف ذا الكلام.
ومعنى رحمة التربية : الرحمة التي كانت عنها التربية ، مثل ضرب التلف. ويجوز أن يكون المعنى : على ما ربّيانى صغيرا.
__________________
(١) النحل : ٢٥.
(٢) العنكبوت : ١٣.
(٣) النحل : ٦٧.
(٤) الإسراء : ٢٤.