وذلك الراجع لا يخلو من أن يكون منها أو فيها ، فحذف ذلك ، وحسن الحذف للدلالة عليه لطول الكلام.
وعلى هذا الحد حذف فى قوله : (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) (١) أي : المأوى لهم وعلى هذا التقدير فى هذه الآية أوضح ، لأنه لا ضمير فيه عائد على موصوف ، فيشكل بباب : حسن الوجه.
فتقدير من قدر : مفتّحة أبوابها ، إن كان المراد إفهام المعنى ، فإنه لا بد من شىء يقدر فى الكلام يرجع إلى الموصوف فمستقيم.
وإن كان أراد أن الألف واللام فى (الْأَبْوابُ) كالألف واللام فى «الوجه» ، فليس مثله.
لأن الألف واللام إذا صارت بدلا من الضمير الذي يضاف إليه الاسم المتعلق بالصفة التي هى نحو : حسن وشديد ، انتصب الاسم الذي هو فاعل الصفة ، إذا نوّنت الصفة لكون ضمير الذي يجرى عليه فيه. ألا تراهم قالوا :
الحزن بابا والعقور كلبا (٢)
و : الشعر الرّقابا (٣)
فترك نصب «الأبواب» هنا دلالة على أن الألف واللام لم يرد بها أن تكون بدلا من علامة الضمير كالتى فى : حسن الوجه.
وإذا لم يجز هذا فلا بد من تقدير الراجع إلى الموصوف الذي جرى (مُفَتَّحَةً) صفة عليه ، وهو : منها أو نحوها ، فمن هاهنا كان هذا التقدير أجود.
__________________
(١) النازعات : ٣٩.
(٢) البيت لرؤبة ، يصف رجلا بغلظ الحجاب ومنع الضيف فجعل بابه حزنا وثيقا ، لا يستطيع فتحه ، وكلبه عقورا لمن حل بفنائه طالبا لمعروفه.
(٣) جزء من بيت للحارث بن ظالم وتمام البيت (الكتاب ١ : ١٠٣) :
فما قومي بثعلبة بن سعد |
|
ولا بفزارة الشعر الرقابا |
ينتفي من بني سعد ويصف فزارة بالغمم ، وهو كثرة الشعر على القفا.