المانع مرضا ، لكان من حق الكلام : فإذا شفيتم ؛ فلما قال : (أَمِنْتُمْ) علم أن المانع كان خوف العدو.
قلنا : يقال فى اللغة : أمن الرجل ، إذا شفى ، وإنما يعنى به : إذا زال عنه خوف عدو أو سبع.
قلنا : روى فى التفسير ، فإذا أمنتم من الوجع ، ويقال : مرض مخوف ، ومرض يؤمن معه ، فلا كلام على هذا. على أنه نبّه فى الأول على المرض ، فدخل تحته العدو على طريق الأولى. ثم عاد إلى الطرف الآخر فى آخر الآية ، وهذه سنة معتادة فى التنزيل ، إذا اجتمع شيئان يذكر طرفا من كل واحد من الشيئين.
ألا ترى أنه ذكر الركعتين مع الإمام فى صلاة الخوف عن طائفتين ، وذكر مثل العدو فى قوله : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (١) مثل الداعي فى الطرف الآخر فى قوله : (كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) (٢) فكذا هاهنا ذكر المرض أولا ، فدخل تحته العدو ، ثم ذكر الأمن من العدو ، فلم يكّر على الأول بالنقض والإبطال.
ومن ذلك قوله تعالى : (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) (٣). أي : يهديهم إلى طريق الجنة. وقال : (فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ) (٤). أي : لا يهدى إلى طريق الجنة.
__________________
(١) البقرة : ١٧١.
(٢) محمد : ٥.
(٣) النحل : ٣٧.