فأما : أيهم تضرب يأتك ؛ فإنك تنصبه «بتضرب» ولو أدخلت الهاء فقلت : أيهم تضربه يأتك ، جاز رفعه ، وإن كان الاختيار النصب.
ومثل الآية قول المتنخّل الهذلي :
إذا سدته سدت مطواعة |
|
ومهما وكلت إليه كفاه (١) |
فالهاء فى «كفاه» عائدة إلى «مهما» ، كما يعود إلى «ما» ولا يكون بمثل هذا العائد فى : أين ومتى ، لا تقل : أين تكن أكن فيه ، ولا : متى تأتنى آتك فيه ، لأن «أين» و «متى» لا يبتدآن ، فهما منصوبان على الظرف فلا يشتغل الفعل عنهما ، و «ما» قد تكون مبتدأة.
ثم اعلم بعد : أنى لا أختار فى «ما» من قوله : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ) (٢) أن يكون بمعنى «الذي» ، لأنه يحتاج إلى ما يعود إليه من الخبر ، على حد ما قال من قوله : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) له ؛ إذ لا يكاد يفيد معنى. ولكن ما يكون شرطا ؛ إما منصوبا بفعل مضمر يفسره : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ) (٣) ، أو يكون مبتدأ ، وما بعده خبره.
ولا أختار أن يكون بمعنى «من» لقلة ذلك ، وكلام الله لا يحمل على القليل.
ووجدت فى موضع آخر قال : لا يجوز أن تكون «ما» مصدرا على حدّ قوله : (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) (٤) أي : بتكذيبهم ؛ لأن الذكر قد عاد
__________________
(١) اللسان (طوع).
(٢) النساء : ٢٤.
(٣) البقرة : ١٠.