ما حوله) ، وذلك بحذف جواب «لمّا» ، لكونه معلوماً في الجملة التالية ، وهو عبارة عن إخماد ناره فبقي في الظلام خائفاً متحيّراً.
وإلّا فلو كان قوله (ذهب الله بنورهم) من أجزاء المشبّه به ، وراجعاً إلى مَن استوقد ناراً ، يلزم أن تكون الجملة التالية أعني قوله : (صمٌّ بكمٌ عُميٌ) كذلك ، أي من أوصاف المستوقد ، مع أنّها من أوصاف المنافق دون أدنى ريب ، ولو أردنا أن نصيغ المشبه والمشبه به بعبارة مفصلة ، فنقول :
المشبه به : الذي استوقد ناراً فلمّا أضاءت ما حوله أُطفأت ناره.
والمشبه : المنافقون الذين استضاءوا بنور الإسلام فترة ثمّ ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ، صمّ بكم عمي فهم لا يرجعون.
وأمّا وجه الافراد ، فهو أنّه إذا كان التشبيه بين الأعيان فيلزم المطابقة ، لأنّ عين كلّ واحد منهم غير أعيان الآخر. ولذلك إنّما يكون التشبيه بين الأعيان إذا روعي التطابق في الجمع والإفراد ، يقول سبحانه : (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) (١) ، وقوله : (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) (٢)
وأمّا إذا كان التشبيه بين الأفعال فلا يشترطون التطابق لوحدة الفعل من حيث الماهية والخصوصيات ، يقال في المثل : ما أفعالكم كفعل الكلب.
أي ما أفعالكم إلّا كفعل الكلب. وربما يقال : إنّ الموصول «الذي» بمعنى الجمع ، قال سبحانه : (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (٣). (٤)
__________________
(١) المنافقون : ٤.
(٢) الحاقة : ٧.
(٣) الزمر : ٣٣.
(٤) انظر التبيان في تفسير القرآن : ١ / ٨٦.