الأوّل : إحاطة الرعب والهلع بالمنافقين إثر انتشار الإسلام في الجزيرة العربية ودخول القبائل فيه وتنامي شوكته ، مما أوجد رعباً في قلوبهم وفزعاً في نفوسهم المضطربة ، ويجدون ذلك بلاءً أحاط بهم كالقوم الذين يصيبهم الصيّب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق وإليه أشار قوله سبحانه : (أو كصيّب من السماء فيه رعد وبرق).
الثاني : انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا كان يخبرهم عن المستقبل المظلم للكافرين والمدبرين عن الإسلام والإيمان خصوصاً بعد الموت صار ذلك كالصاعقة النازلة على رؤوسهم فكانوا يهربون من سماع آيات الله ويحذرون من صواعق براهينه الساطعة ، مع أنّ هذا هو منتهى الحماقة ، لأنّ صمّ الآذان ليس من أسباب الوقاية من أخذ الصاعقة ونزول الموت وإلى ذلك يشير قوله سبحانه : (يَجْعَلُون أَصابعهُمْ في آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَر المَوت وَالله مُحيطٌ بِالكافِرين).
الثالث : كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعوهم إلى أصل الدين ويتلوا عليهم الآيات البيّنة ويقيم لهم الحجج القيّمة ، فعندئذٍ يظهر لهم الحق ، فربّما كانوا يعزمون على اتّباعه والسير وراء أفكاره ، ولكن هذه الحالة لم تدم طويلاً ، إذ سرعان ما يعودون إلى تقليد الآباء ، وظلمة الشهوات والشبهات ، وإلى ذلك يشير قوله سبحانه : (يَكادُ الْبَرقُ يَخْطَفُ أَبْصارهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشوا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا).
إلى هنا تمّ التطبيق المركب لكن في مقاطع ثلاثة.
ثمّ إنّه سبحانه أعقب التمثيل بقوله : (وَلَو شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأَبْصارِهِم إِنَّ اللهَ عَلَى كُلّ شَيءٍ قَدير) أي انّه سبحانه قادر أن يجعلهم صمّاً وعمياًحتى لا ينجع فيهم وعظ واعظ ولا تجدي هداية هاد.
وذهاب سمعهم وأبصارهم نتيجة أعمالهم الطالحة التي توصد باب التوفيق