وهي لغة قريش ومعنى المكسور والمضموم واحد عند جمع ، وعن مجاهد أن المضموم بمعنى الصنم والمكسور بمعنى العذاب. وقيل المكسور النقائص والفجور ذو المضموم اساف ونائل وفي كتاب الخليل «الرّجز» بضم الراء عبادة الأوثان وبكسرها العذاب. ومن كلام السادة أي الدنيا فاترك وهو مبني على أنه أريد بالرجز الصنم والدنيا من أعظم الأصنام التي حبها بين العبد وبين مولاه وعبدتها أكثر من عبدتها فإنها تعبد في البيع والكنائس والصوامع والمساجد وغير ذلك أو أريد بالرجز القبيح المستقذر والدنيا عند العارف في غاية القبح والقذارة فعن الأمير كرم الله تعالى وجهه أنه قال : الدنيا أحقر من ذراع خنزير ميت بال عليها كلب في يد مجذوم وقال الشافعي :
وما هي إلّا جيفة مستحيلة |
|
عليها كلاب همهن اجتذابها |
فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها |
|
وإن تجتذبها نازعتك كلابها |
ويقال كل ما ألهى عن الله عزوجل فهو رجز يجب على طالب الله تعالى هجره إذ بهذا الهجر ينال الوصال وبذلك القطع يحصل الاتصال ومن أعظم لاه عن الله تعالى النفس ، ومن هنا قيل أي نفسك فخالفها والكلام في كل ذلك من باب : إياك أعني. أو القصد فيه إلى الدوام والثياب كما تقدّم (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) أي ولا تعط مستكثرا أي طالبا للكثير ممن تعطيه قاله ابن عباس ، فهو نهي عن الاستغزار وهو أن يهب شيئا وهو يطمع أن يتعوض من الموهوب له أكثر من الموهوب وهذا جائز. ومنه الحديث الذي رواه ابن أبي شيبة موقوفا على شريح المستغزر يثاب من هبته وإلّا صح عند الشافعية أن النهي للتحريم وأنه من خواصه عليه الصلاة والسلام لأن الله تعالى اختار له عليه الصلاة والسلام أكمل الصفات وأشرف الأخلاق فامتنع عليه أن يهب لعوض أكثر وقيل هو نهي تنزيه للكل أو ولا تعط مستكثرا أي رائيا لما تعطيه كثيرا فالسين للوجدان لا للطلب كما في الوجه الأول الظاهر والنهي عن ذلك لأنه نوع إعجاب وفيه بخل خفي. وعن الحسن والربيع : (لا تَمْنُنْ) بحسناتك على الله تعالى مستكثرا لها أي رائيا إياها كثيرة فتنقص عند الله عزوجل وعد من استكثار الحسنات بعض السادة رؤية أنها حسنات وعدم خشية الرد والغفلة عن كونها منه تعالى حقيقة. وعن ابن زيد لا تمنن بما أعطاك الله تعالى من النبوة والقرآن مستكثرا به أي طالبا كثير الأجر من الناس وعن مجاهد لا تضعف عن عملك مستكثرا لطاعتك فتمنن من قولهم حبل منين أي ضعيف ، ويتضمن هذا المعنى ما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس أنه قال : أي لا تقل قد دعوتهم فلم يقبل مني عد فادعهم. وقرأ الحسن وابن أبي عبلة «تستكثر» بسكون الراء وخرج على أنه جزم والفعل بدل من (تَمْنُنْ) المجزوم بلا الناهية كأنه قيل ولا تمنن لا تستكثر لأن من شأن المانّ بما يعطي أن يستكثره أي يراه كثيرا ويعتد به وهو بدل اشتمال ، وقيل بدل كل من كل على دعاء الاتحاد. وفي الكشف الأبدال من (تَمْنُنْ) على أن المن هو الاعتداد بما أعطى لا الإعطاء نفسه فيه لطيفة لأن الاستكثار مقدمة المن فكأنه قيل : لا تستكثر فضلا عن المن. وجوز أن يكون سكون وقف حقيقة أو بإجراء الوصل مجراه أو سكون تخفيف على أن شبه ثرو بعضد فسكن الراء الواقعة بين الثاء وواو (وَلِرَبِّكَ) كما سكنت الضاد وليس بذاك والجملة عليه في موضع الحال وقرأ الحسن أيضا والأعمش «تستكثر» بالنصب على إضمار أن كقولهم مره يحفرها أي أن يحفرها وقوله :
ألا أيهذا الزاجري احضر الوغى |
|
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي |
في رواية نصب أحضر وقرأ ابن مسعود «أن تستكثر» بإظهار أن فالمن بمعنى الإعطاء والكلام على إرادة