أراد ومن يمدحه فحذف الموصول وأبقى صلته وقد يقال إن ذلك إنما يرد لو أراد أن الموصول مقدر أما لو أراد المعنى وأن الظرف يغني غناء المفعول به فهو كلام صحيح لأن الظرف والمرئي كليهما الجنة. وقرأ حميد الأعرج «ثمّ» بضم الثاء حرف عطف وجواب (إِذا) على هذا المحذوف يقدر بنحو تحيّر فكرك أو بنحو رأيت عاملا في (نَعِيماً عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ) قيل (عالِيَهُمْ) ظرف بمعنى فوقهم على أنه خبر مقدم و (ثِيابُ) مبتدأ مؤخر والجملة حال من الضمير المجرور في (عالِيَهُمْ) فهي شرح لحال الأبرار المطوّف عليهم. وقال أبو حيان : إن عالي نفسه حال من ذلك الضمير وهو اسم فاعل و (ثِيابُ) مرفوع على الفاعلية به ويحتاج في إثبات كونه ظرفا إلى أن يكون منقولا من كلام العرب عاليك ثوب مثلا ومثله فيما ذكر عالية. وقيل : حال من ضمير لقاهم أو من ضمير جزاهم وقيل من الضمير المستتر في (مُتَّكِئِينَ) والكل بعيد وجوز كون الحال من مضاف مقدر قبل (نَعِيماً) أو قبل (مُلْكاً) أي رأيت أهل نعيم أو أهل ملك عاليهم إلخ وهو تكلف غير محتاج إليه. وقيل : صاحب الحال الضمير المنصوب في (حَسِبْتَهُمْ) فهي شرح لحال الطائفين ولا يخفى بعده لما فيه من لزوم التفكيك ضرورة أن ضمير (سَقاهُمْ) فيما بعد كالمتعين عوده على الأبرار وكونه من التفكيك مع القرينة المعينة وهو مما لا بأس به ممنوع. واعترض أيضا بأن مضمون الجملة يصير داخلا تحت الحسبان وكيف يكون ذلك وهم لابسون الثياب حقيقة بخلاف كونهم لؤلؤا فإنه على طريق التشبيه المقتضي لقرب شبههم باللؤلؤ أن يحسبوا لؤلؤا. وأجيب بأن الحسبان في حال من الأحوال لا يقتضي دخول الحال تحت الحسبان ورفع (خُضْرٌ) على أنه صفة (ثِيابُ) و (إِسْتَبْرَقٌ) على أنه عطف على (ثِيابُ) والمراد وثياب إستبرق. والسندس قال ثعلب : ما رق من الديباج ، وقيل : ما رق من ثياب الحرير والفرق أن الديباج ضرب من الحرير المنسوج يتلون ألوانا. وقال الليث : هو ضرب من البزيون يتخذ من المرعز وهو معرب بلا خلاف بين أهل اللغة على ما في القاموس وغيره. وزعم بعض أنه مع كونه معربا أصله سندي بياء النسبة لأنه يجلب من السند فأبدلت الياء سينا كما قال في سادي سادس وهو كما ترى. والإستبرق قيل : ما غلظ من ثياب الحرير ، وقال أبو إسحاق : الديباج الصفيق الغليظ الحسن ، وقال ابن دريد : ثياب حرير نحو الديباج. وعن ابن عبادة هو بردة حمراء وقيل هو المنسوج من الذهب وهو اسم أعجمي معرب عند جمع أصله بالفارسية استبره ، وفي القاموس معرب استروه وحكي ذلك عن ابن دريد وأنه قال : إنه سرياني وقيل معرب استفره وما في صورة الفاء ليست فاء خالصة وإنما هي بين الفاء والباء ، وقيل : عربي وافقت لغة العرب فيه لغة غيرهم واستصوبه الأزهري وكما اختلفوا فيه هل هو معرب أو عربي اختلفوا هل هو نكرة أو علم جنس مبني أو معرب أو ممنوع من الصرف وهمزته همزة قطع أو وصل ، والصحيح على ما قال الخفاجي أنه نكرة معرب مصروف مقطوع الهمزة كما يشهد به القراءة المتواترة ، وسيعلم إن شاء الله تعالى حال ما يخالفها وفي جامع التعريب أن جمعه أبارق وتصغيره أبيرق حذفت السين والتاء في التكسير لأنهما زيدتا معا فأجري مجرى الزيادة الواحدة وفي المسألة خلاف أيضا مذكور في محله ولم يذكر لون هذا الإستبرق. وأشار ناصر الدين إلى أنه الخضرة ف (خُضْرٌ) وإن توسط بين المعطوف والمعطوف عليه فهو لهما وعلى كل حال هذه الثياب لباس لهم وربما تشعر الآية بأن تحتها ثيابا أخرى وقيل على وجه الحالية من ضمير (مُتَّكِئِينَ) أن المراد فوق حجالهم المضروبة عليهم ثياب سندس إلخ. وحاصله أن حجالهم مكللة بالسندس والإستبرق. وقرأ ابن عباس بخلاف عنه والأعرج وأبو جعفر وشيبة وابن محيصن ونافع وحمزة «عاليهم» بسكون الياء وكسر الهاء وهي رواية أبان عن عاصم فهو مرفوع بضمة مقدرة على الياء على