أنه مبتدأ «وثياب» خبره وعند الأخفش فاعل سد مسد الخبر وقيل على أنه خبر مقدم «وثياب» مبتدأ مؤخر وأخبر به عن النكرة لأنه نكرة وإضافته لفظية وهو في معنى الجماعة كما في (سامِراً تَهْجُرُونَ) [المؤمنون : ٦٧] على ما صرح به مكي ولا حاجة إلى التزامه على رأي الأخفش. وقيل : هو باق على النصب والفتحة مقدرة على الياء وأنت تعلم أن مثله شاذ أو ضرورة فلا ينبغي أن يخرج عليه القراءة المتواترة. وقرأ ابن مسعود والأعمش وطلحة وزيد بن علي «عاليتهم» بالياء والتاء مضمومة وعن الأعمش أيضا وأبان عن عاصم فتح التاء الفوقية وتخريجهما كتخريج «عاليهم» بالسكون والنصب. وقرأ ابن سيرين ومجاهد في رواية وقتادة وأبو حيوة وابن أبي عبلة والزعفراني وأبان أيضا «عليهم» جارا ومجرورا فهو خبر مقدم و (ثِيابُ) مبتدأ مؤخر. وقرأت عائشة «علتهم» بتاء التأنيث فعلا ماضيا «فثياب» فاعل. وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة «ثياب سندس» بتنوين «ثياب» ورفع «سندس» على أنه وصف لها وهذا كما نقول ثوب حرير تريد من هذا الجنس. وقرأ العربيان ونافع في رواية «وإستبرق» بالجر عطفا على «سندس». وقرأ ابن كثير وأبو بكر بجر «خضر» صفة ل «سندس» وهو في معنى الجمع. وقد صرحوا بأن وصف اسم الجنس الذي يفرق بينه وبين واحده بتاء التأنيث بالجمع جائز فصيح وعليه (يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) [الرعد : ١٢] و (النَّخْلَ باسِقاتٍ) [ق : ١٠] وقد جاء «سندسة» في الواحدة كما قاله غير واحد وجوز كونه صفة لثياب وجره للجوار وفيه توافق القراءتين معنى إلّا أنه قليل. وقرأ الأعمش وطلحة والحسن وأبو عمرو بخلاف عنهما وحمزة والكسائي «خضر وإستبرق» بجرهما وقرأ ابن محيصن «وإستبرق» بوصل الألف وفتح القاف كما في عامة كتب القراءات ويفهم من الكشاف أنه قرأ بالقطع والفتح وأن غيره قرأ بما تقدم وهو خلاف المعروف ، وخرج الفتح على المنع من الصرف للعلمية والعجمة وغلظ بأنه نكرة يدخله حرف التعريف فيقال : الإستبرق وقيل إن ذاك كذا والوصل مبني على أنه عربي مسمى باستفعل من البريق يقال برق وإستبرق كعجب واستعجب فهو في الأصل فعل ماض ثم جعل علما لهذا النوع من الثياب فمنع من الصرف للعلمية ووزن الفعل دون العجمة وتعقب بأن كونه معربا مما لا ينبغي أن ينكر. وقيل هو مبني منقول من جملة فعل وضمير مستتر وحاله لا يخفى. واختار أبو حيان أن «إستبرق» على قراءة ابن محيصن فعل ماض من البريق كما سمعت وأنه باق على ذلك لم ينقل ولم يجعل علما للنوع المعروف من الثياب وفيه ضمير عائد على السندس أو على الأخضر الدال عليه (خُضْرٌ) كأنه لما وصف بالخضرة وهي مما يكون فيها لشدتها دهمة وغبش أخبر أن في ذلك اللون بريقا وحسنا يزيل غبشه فقيل (وَإِسْتَبْرَقٌ) أي برق ولمع لمعانا شديدا ثم قال معرضا بمن غلطه كأبي حاتم والزمخشري وهذا التخريج أولي من تلحين قارئ جليل مشهور بمعرفة العربية وتوهيم ضابط ثقة قد أخذ عن أكابر العلماء انتهى. وقيل : الجملة عليه معترضة أو حال بتقدير قد أو بدونه (وَحُلُّوا أَساوِرَ) جمع سوار وهو معروف وذكر الراغب أنه معرب دستواره (مِنْ فِضَّةٍ) هي فضة لائقة بتلك الدار ، والظاهر أن هذا عطف على (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ) واختلافهما بالمضي والمضارعة لأن الحالية مقدمة على الطواف المتجدد ولا ينافي ما هنا قوله تعالى (أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ٢١) [الكهف : ٣١ ، الحج : ٢٣ ، فاطر : ٣٣] لإمكان الجمع بتعدد الأساور لكل والمعاقبة بلبس الذهب تارة الفضة أخرى ، والتبعيض بأن يكون أساور بعض ذهبا وبعض فضة لاختلاف الأعمال. وقيل : هو حال من ضمير (عالِيَهُمْ) بإضمار قد أو بدونه فإن كان الضمير للطائفين على أن يكون (عالِيَهُمْ) حالا من ضمير حسبتهم جاز أن يقال الفضة للخدم والذهب للمخدومين. وجوز أن يكون المراد بالأساور الأنوار الفائضة على أهل الجنة المتفاوتة لتفاوت الأعمال تفاوت الذهب والفضة والتعبير عنها بأساور الأيدي لأنه جزاء ما عملته أيديهم ، ولا يخفى أن