عطية أن النكرة تخصصت بقوله تعالى (يَوْمَئِذٍ) وتعقب بأنه لا تتخصص بالأجرام بظروف الزمان وقدر عصام الدين جواب القسم ليأتين وقال : نحن نقدره كذلك ونجعل يوم ترجف فاعلا له مرفوع المحل ونجعل (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) صفة للراجفة بجعلها في حكم النكرة لكون التعريف للعهد الذهني نحو :
أمرّ على اللئيم يسبني
وفيه ما فيه وقيل إن الجواب (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) و (يَوْمَ) منصوب به ولام القسم محذوفة أي ليوم كذا تتبعها الرادفة ولم تدخل نون التأكيد لأنه قد فصل بين اللام المقدرة والفعل وليس بذاك. وقال محمد بن عليّ الترمذي : إن جواب القسم (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) وهو كما ترى ومثله ما قيل هو (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) لأنه في تقدير قد أتاك وقال أبو حاتم على التقديم والتأخير كأنه قيل (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) والنازعات وخطأه ابن الأنباري بأن الفاء لا يفتتح بها الكلام وبالجملة الوجه الوجيه هو ما قدمنا. وقوله تعالى (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) حكاية لما يقوله المنكرون للبعث المكذبون بالآيات الناطقة به إثر بيان وقوعه بطريق التوكيد القسمي وذكر مقدماته الهائلة وما يعرض عند وقوعها للقلوب والأبصار أي يقولون إذا قيل لهم إنكم تبعثون منكرين له متعجبين منه (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ) بعد موتنا (فِي الْحافِرَةِ) أي في الحالة الأولى يعنون الحياة كما قال ابن عباس وغيره. وقيل إنه تعالى شأنه لما أقسم على البعث وبيّن ذلّهم وخوفهم ذكر هنا إقرارهم بالبعث وردهم إلى الحياة بعد الموت فالاستفهام لاستغراب ما شاهدوه بعد الإنكار والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا لما يقولون إذ ذاك. والظاهر ما تقدم وإن القول في الدنيا وأيّا ما كان فهو من قولهم رجع فلان في حافرته أي طريقته التي جاء فيها فحفرها أي أثر فيها بمشيه والقياس المحفورة فهي إما بمعنى ذا حفر أو الإسناد مجازي أو الكلام على الاستعارة المكنية بتشبيه القابل بالفاعل وجعل الحافرية تخييلا. وذلك نظير ما ذكروا في (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [القارعة : ٧] ويقال لكل من كان في أمر فخرج منه ثم عاد إليه رجع إلى حافرته وعليه قوله:
أحافرة على صلع وشيب |
|
معاذ الله من سفه وعار |
يريد أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل والتصابي بعد أن شبت معاذ الله من ذاك سفها وعارا.
ومنه المثل : النقد عند الحافرة ، فقد قيل الحافرة فيه بمعنى الحالة الأولى وهي الصفقة أي النقد حال العقد لكن نقل الميداني عن ثعلب أن معناه النقد عند السبق وذلك أن الفرس إذا سبق أخذ الرهن والحافرة الأرض التي حفرها السابق بقوائمه على أحد التأويلات. وقيل (الْحافِرَةِ) جمع الحافر بمعنى القدم أي (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ) أحياء نمشي على أقدامنا ونطأ بها الأرض ولا يخفى أن أداء اللفظ هذا المعنى غير ظاهر. وعن مجاهد (الْحافِرَةِ) القبور المحفورة أي لمردودون أحياء في قبورنا. وعن زيد بن أسلم هي النار وهو كما ترى. وقرأ أبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة «في الحفرة» بفتح الحاء وكسر الفاء على أنه صفة مشبهة من حفر اللازم كعلم مطاوع حفر بالبناء للمجهول يقال : حفرت أسنانه فحفرت حفرا بفتحتين إذا أثر الأكال في أسنانها وتغيرت ، ويرجع ذلك إلى معنى المحفورة وقيل هي الأرض المنتنة المتغيرة بأجساد موتاها وقوله تعالى (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) تأكيدا لإنكار البعث بذكر حالة منافية له. والعامل في (إِذا) مضمر يدل عليه «مردودون» أي : أإذا كنا عظاما بالية نرد ونبعث مع كونه أبعد شيء من الحياة. وقرأ نافع وابن عامر «إذا كنا» بإسقاط همزة الاستفهام ، فقيل : يكون خبر استهزاء بعد الاستفهام الإنكاري ، واستظهر أنه متعلق بمردودون. وقرأ