عمر وأبيّ وعبد الله وابن الزبير وابن عباس ومسروق ومجاهد والأخوان وأبو بكر «ناخرة» بالألف وهو كنخرة من نخر العظم أي بلي وصار أجوف تمر به الريح فيسمع له نخير أي صوت وقراءة الأكثرين أبلغ فقد صرحوا بأن فعلا أبلغ من فاعل وإن كانت حروفه أكثر وقولهم زيادة المبني تدل على زيادة المعنى أغلبي أو إذا اتحد النوع لا إذا اختلف كأن كان فاعل اسم فاعل وفعل صفة مشبهة. نعم تلك القراءة أوفق برءوس الآي واختيارها لذلك لا يفيد اتحادها مع الأخرى في المبالغة كما وهم وإلى الأبلغية ذهب المعظم. وفسرت النخرة عليه بالأشد بلى. وقال عمرو بن العلاء : النخرة التي قد بليت ، والناخرة التي لم تنخر بعد. ونقل اتحاد المعنى عن الفراء وأبي عبيدة وأبي حاتم وآخرين. وقوله تعالى (قالُوا) حكاية لكفر آخر لهم متفرع على كفرهم السابق ولعل توسيط قالوا بينهما للإيذان بأن صدور هذا الكفر عنهم ليس بطريق الاطّراد والاستمرار مثل كفرهم السابق المستمر صدوره عنهم في كافة أوقاتهم حسبما ينبئ عنه حكايته بصيغة المضارع أي قالوا بطريق الاستهزاء مشيرين إلى ما أنكروه من الرد في الحافرة مشعرين بغاية بعده عن الوقوع (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) أي ذات خسر أو خاسر أصحابها أي إذا صحت تلك الرجعة فنحن خاسرون لتكذيبنا بها وأبرزوا ما قطعوا بانتفائه واستحالته في صورة ما يغلب على الظن وقوعه لمزيد الاستهزاء وقال الحسن : (خاسِرَةٌ) كاذبة أي بكائنة فكان المعنى تلك (إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) كرة ليست بكائنة وقوله تعالى (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) تعليل لمقدر يقتضيه إنكارهم ذلك فإنه لما كان مداره استصعابهم الكرة رد عليهم ذلك فقيل لا تحسبوا تلك الكرة صعبة فإنما هي صيحة واحدة أي حاصلة بصيحة واحدة وهي النفخة الثانية عبر عنها بها تنبيها على كمال اتصالها بها كأنها عينها ، وقيل : هي راجع إلى الرادفة. وقوله تعالى : (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) حينئذ بيان لترتب الكرة على الزجرة مفاجأة أي فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد ما كانوا أمواتا في بطنها. وعلى الأول بيان لحضورهم الموقف عقيب الكرة التي عبر عنها بالزجرة والساهرة قيل وجه الأرض والفلاة وأنشدوا قول أمية بن أبي الصلت :
وفيها لحم ساهرة وبحر |
|
وما فاهوا به أبدا مقيم |
وفي الكشاف الأرض البيضاء أي التي لا نبات فيها المستوية ، سميت بذلك لأن السراب يجري فيها من قولهم : عين ساهرة جارية الماء وفي ضدها نائمة. قال الأشعث بن قيس :
وساهرة يضحي السراب مجللا |
|
لأقطارها قد جبتها متلثما |
أو لأن سالكها لا ينام خوف الهلكة وفي الأول مجاز على المجاز ، وعلى الثاني السهر على حقيقته والتجوز في الإسناد وحكى الراغب فيها قولين الأول أنها وجه الأرض ، والثاني أنها أرض القيامة ثم قال : وحقيقتها التي يكثر الوطء بها فكأنها سهرت من ذلك إشارة إلى نحو ما قال الشاعر :
تحرك يقظان التراب ونائمه
وروى الضحاك عن ابن عباس أن الساهرة أرض من فضة لم يعص الله تعالى عليها قط يخلقها عزوجل حينئذ ، وعنه أيضا أنها أرض مكة وقيل : وهي الأرض السابعة يأتي الله تعالى بها فيحاسب الخلائق عليها وذلك حين تبدل الأرض غير الأرض. وقال وهب بن منبه : جبل بالشام يمده الله تعالى يوم القيامة لحشر الناس. وقال أبو العالية وسفيان : أرض قريبة من بيت المقدس ، وقيل : الساهرة بمعنى الصحراء على شفير جهنم ، وقال قتادة : وهي جهنم لأنه لا نوم لمن فيها. وقوله تعالى (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) كلام مستأنف وارد لتسلية رسول الله صلىاللهعليهوسلم