سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوسلم لو أن دلوا من غسلين يهراق في الدنيا لأنتن بأهل الدنيا وجعله بعضهم متحدا مع الضريع. وقال بعضهم : هما متباينان وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى و (لَهُ) خبر (ليس) قال المهدوي ولا يصح أن يكون هاهنا ولم يبين ما المانع من ذلك وتبعه القرطبي في ذلك. وقال لأن المعنى يصير ليس هاهنا طعام (إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) ولا يصح ذلك لأن ثم طعاما غيره و (هاهُنا) متعلق بما في (لَهُ) من معنى الفعل انتهى. وتعقب ذلك أبو حيان فقال : إذا كان ثم غيره من الطعام وكان الأكل أكلا آخر صح الحصر بالنسبة إلى اختلاف الأكلين. وأما إن كان الضريع هو الغسلين كما قال بعضهم فلا تناقض بين هذا الحصر والحصر في قوله تعالى (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) [الغاشية : ٦] إذ المحصور في الآيتين هو من شيء واحد وإنما يمتنع ذلك من وجه غير ما ذكره وهو إنه إذا جعلنا (هاهُنا) الخبر كان (لَهُ) و (الْيَوْمَ) متعلقين بما تعلق به الخبر وهو العامل في (هاهُنا) وهو عامل معنوي فلا يتقدم معموله عليه فلو كان العامل لفظيا جاز كقوله تعالى (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص : ٤] فله متعلق بكفوا وهو خبر ليكن ا ه. وفي إطلاق العامل المعنوي على متعلق الجار والمجرور المحذوف بحث (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) أصحاب الخطايا من خطئ الرجل إذا تعمد الذنب لا من الخطأ المقابل للصواب دون المقابل للعمد والمراد بهم على ما روي عن ابن عباس المشركون. وقرأ الحسن والزهري والعتكي وطلحة في رواية «الخاطيون» بياء مضمومة بدلا من الهمزة وقرأ أبو جعفر وشيبة وطلحة في رواية أخرى ونافع بخلاف عنه «الخاطون» بطرح الهمزة بعد إبدالها تخفيفا على أنه من خطئ كقراءة من همز وعن ابن عباس ما يشعر بإنكار ذلك أخرج الحاكم وصححه من طريق أبي الأسود الدؤلي ويحيى بن يعمر عنه أنه قال : ما الخاطون إنما هو الخاطئون ما الصابئون إنما هو الصائبون وفي رواية ما الخاطون كلنا نخطو كأنه يريد أن التخفيف هكذا ليس قياسا وهو ملبس مع ذلك فلا يرتكب وقيل هو من خطا يخطو فالمراد بهم الذين يتخطون من الطاعة إلى العصيان ومن الحق إلى الباطل ويتعدون حدود الله عزوجل فيكون كناية عن المذنبين أيضا هذا وظواهر هذه الآيات أن المؤمن الطائع يؤتى كتابه بيمينه والكافر يؤتى كتابه بشماله ولم يعلم منها حال الفاسق الذي مات على فسقه من غير توبة بل قيل ليس في القرآن بيان حاله صريحا وقد اختلف في أمره فجزم الماوردي بأن المشهور أنه يؤتى كتابه بيمينه ثم حكى قولا بالوقف وقال لا قائل بأنه يؤتاه بشماله وقال يوسف بن عمر اختلف في عصاة المؤمنين فقيل يأخذون كتبهم بأيمانهم وقيل بشمالهم ، واختلف الأولون فقيل : يأخذونها قبل الدخول في النار ويكون ذلك علامة على عدم خلودهم فيها. وقيل يأخذونها بعد الخروج منها ومن أهل العلم من توقف لتعارض النصوص ومن حفظ حجة على من لم يحفظ والمثبت مقدم على النافي ثم إنه ليس في هذه الآيات تصريح بقراءة العبد كتابه والوارد في ذلك مختلف والذي يجمع الآيات والأحاديث على ما قال اللقاني أن من الآخذين من لم يقرأ كتابه لاشتماله على المخازي والقبائح والجرائم والفضائح فيأخذه بسبب ذلك الدهش والرعب حتى لا يميز شيئا كالكافر ومنهم من يقرؤه بنفسه ومنهم من يدعو أهل حاضره لقراءته إعجابا بما فيه وظواهر النصوص أن القراءة حقيقية وقيل مجازية عبر بها عن العلم وليس بشيء. ولفظ الحسن يقرأ كل إنسان كتابه أميا كان أو غير أمي وظواهر الآثار أن الحسنات تكتب متميزة من السيئات فقيل إن سيئات المؤمن أول كتابه وآخره هذه ذنوبك قد سترتها وغفرتها وإن حسنات الكافر أول كتابه وآخره هذه حسناتك قد رددتها عليك وما قبلتها. وقيل يقرأ المؤمن سيئات نفسه ويقرأ الناس حسناته حتى يقولوا ما لهذا العبد سيئة ويقول ما لي حسنة. وقيل كل يقرأ حسناته وسيئاته وأول سطر من كتاب المؤمن أبيض فإذا قرأه ابيض وجهه والكافر على ضد ذلك وظواهر الآيات والأحاديث عدم اختصاص إيتاء الكتب بهذه الأمة وإن تردد فيه بعض العلماء لما في بعضها مما يشعر بالاختصاص ففي حديث رواه أحمد عن أبي الدرداء أنه عليه الصلاة والسلام قال وقد قال له رجل : كيف تعرف أمّتك