قال : نعم أربعة آلاف دينار ، فقال : هاتها قد جاء من هو أحق بها منا ، ثم نزع بردته ولفّ الدنانير فيها وأخرج يده من شقّ الباب حياء من الأعرابي وأنشأ.
خذها فإني إليك معتذر |
|
وأعلم بأني عليك ذو شفقة |
لو كان في سيرنا الغداة عصا (١) |
|
أمست سمانا عليك مندفقة |
لكن ريب الزمان ذو غير |
|
والكفّ مني قليلة النفقة |
فأخذها الأعرابي وبكى ، فقال لعلّك استقللت ما أعطيناك ، قال : لا ولكن كيف يأكل التراب جودك ، وبعضهم يروي ذلك عن الحسن عليهالسلام ، ووجد على ظهر الحسين عليهالسلام يوم الطف أثر فسألوا زين العابدين عليهالسلام عن ذلك ، فقال : هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين وعلّم عبد الرحمن السلمي ولدا للحسين عليهالسلام الحمد ، فلما قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار وألف حلة وحشا فاه درّا ، فقيل له في ذلك فقال : وأين يقع هذا من عطائه يعني تعليمه.
وأنشد الحسين عليهالسلام :
إذا جادت الدنيا عليك فجد بها |
|
على الناس طرا قبل أن تتفلت |
فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت |
|
ولا البخل يبقيها إذا ما توّلت. |
ومرّ عليهالسلام بمساكين وهم يأكلون كسرا على كساء فسلّم عليهم فدعوه إلى طعامهم ، فجلس معهم وقال : لو لا أنه صدقة لأكلت معكم ، ثم قال : قوموا إلى منزلي فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم. ودخلت على الحسن عليهالسلام جارية فحيّته بطاقة ريحان فقال لها : أنت حرة لوجه الله
__________________
(١) في البحار : لعل العصا كناية عن الامارة والحكم ، اي لو كان في سيرنا هذه الغداة ولاية وحكم او قوة ، وفيه ان ذكر السير والغداة حينئذ لا يبقى له مناسبة ، ويحتمل ان يراد بالسير واحد السيور التي تعد من الأدم ، فانه اذا كان عصا اي كان مشدودا بطرف عصا صار سوطا قابلا للضرب به فيصح ان تكون فيه كناية عن الحكم والقوة (منه).