الحسين عليهالسلام وصبيانه فجهزوا ، وأمر بعلي بن الحسين عليهماالسلام فغل بغلّ الى عنقه ، وفي رواية في يديه ورقبته ، ثم سرح بهم في أثر الرؤوس مع محفر (١) بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن وحملهم على الأقتاب ، وساروا بهم كما يسار بسبايا الكفار فانطلقوا بهم حتى لحقوا بالقوم الذين معهم الرؤوس ، فلم يكلم علي بن الحسين عليهالسلام أحدا منهم في الطريق بكلمة حتى بلغوا الشام ، فلما انتهوا الى باب يزيد رفع محفر بن ثعلبة صوته فقال : هذا محفر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة ، فأجابه علي بن الحسين عليهماالسلام ما ولدت أم محفر أشر والأم وعن الزهري انه لما جاءت الرؤوس كان يزيد في منظرة على جيرون فأنشد لنفسه :
لما بدت تلك الحمول وأشرقت |
|
تلك الشموس على ربى جيرون |
نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح (٢) |
|
فلقد قضيت من الغريم ديوني |
ولما قربوا من دمشق دنت أم كلثوم من شمر فقالت له : لي إليك حاجة ، فقال : ما حاجتك؟ قالت : إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة وتقدم اليهم ان يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر الينا ونحن في هذه الحال ، فأمر في جواب سؤالها ان تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغيا منه وكفرا ، وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى أتى بهم باب دمشق ، فوفقوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي ، وجاء شيخ فدنا من نساء الحسين عليهالسلام وعياله وقال : الحمد لله الذي أهلككم وقتلكم وأراح البلاد من رجالكم وأمكن أمير المؤمنين منكم ، فقال له علي بن الحسين : يا شيخ هل قرأت القرآن؟ قال : نعم ، قال : فهل عرفت هذه الآية : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
__________________
(١) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الفاء المكسورة وآخره راء ، كذا في الكامل لابن الأثير (منه).
(٢) نح أو لا تنح (منه).