على بعض ، قال : كلا لست لذلك أتيت ، ولكنكم أظهرتم المنكر ودفنتم المعروف وتأمرتم على الناس بغير رضى منهم ، وحملتموهم على غير ما أمركم الله به ، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر ، فأتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف وننهى عن المنكر وندعوهم الى حكم الكتاب والسنة ، وكنا أهل ذلك ، فقال له ابن زياد : وما أنت وذاك يا فاسق ، لم لم تعمل بذلك اذ أنت بالمدينة تشرب الخمر ، قال مسلم : انا أشرب الخمر ، اما والله ان الله ليعلم انك تعلم انك غير صادق ، وان أحق بشرب الخمر مني وأولى بها من يلغ في دماء المسلمين ولغا فيقتل النفس التي حرم الله قتلها ويسفك الدم الذي حرم الله على الغضب والعداوة وسوء الظن وهو يلهو ويلعب كأن لم يصنع شيئا ، فأقبل ابن زياد يشتمه ويشتم عليا والحسن والحسين وعقيلا ، وأخذ مسلم لا يكلمه. وفي رواية انه قال له : أنت وأبوك أحق بالشتيمة فاقض ما أنت قاض يا عدو الله.
ثم قال ابن زياد : اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه ثم اتبعوه جسده ، فقال مسلم: والله لو كان بيني وبينك قرابة ما قتلتني (١) ، فقال ابن زياد : اين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه بالسيف ، فدعي بكر بن حمران ، فقال له : اصعد فلتكن أنت الذي تضرب عنقه ، فصعد به وهو يكبر ويستغفر الله ويسبحه ويصلي على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقول : اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وكذبونا وخذلونا ، فضرب عنقه واتبع رأسه جثته ، ونزل بكر الذي قتله مذعورا ، فقال له ابن زياد : ما شأنك؟ فقال: أيها الأمير رأيت ساعة قتله رجلا أسود شنيء الوجه حذائي عاضا على اصبعه أو قال على شفته ، ففزعت منه فزعا لم أفزعه قط ، فقال ابن زياد : لعلك دهشت. فقام محمد بن الأشعث الى عبيد الله ابن زياد فكلمه في هاني بن عروة فقال : انك قد عرفت
__________________
(١) قيل انه يشير الى انه كأبيه دعيان وليسا من قريش.