(وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢١) وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (١٢٢)
____________________________________
استقام لهم (وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ) كمزينة وجهينة وأشجع وغفار وأضرابهم (أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ) عند توجهه صلىاللهعليهوسلم إلى الغزو (وَلا يَرْغَبُوا) نصب وقد جوز الجزم (بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) * أى لا يصرفوها عن نفسه الكريمة ولا يصونوها عما لم يصن عنه نفسه بل يكابده معه ما يكابده من الأهوال والخطوب والكلام فى معنى النهى وإن كان على صورة الخبر (ذلِكَ) إشارة إلى ما دل عليه الكلام* من وجوب المشايعة (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنهم (لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ) أى عطش يسير (وَلا نَصَبٌ) ولا تعب ما* (وَلا مَخْمَصَةٌ) أى مجاعة ما لا يستباح عنده المحرمات من مراتبها فإن الظمأ والنصب اليسيرين حين لم يخلوا* من الثواب فلأن لا يخلو ذلك منه أولى فلا حاجة إلى تأكيد النفى بتكرير كلمة لا ويجوز أن يراد بها تلك المرتبة ويكون الترتيب بناء على كثرة الوقوع وقلته فإن الظمأ أكثر وقوعا من النصب الذى هو أكثر وقوعا من المخمصة بالمعنى المذكور فتوسيط كلمة لا حينئذ ليس لتأكيد النفى بل للدلالة على استقلال كل واحد منها بالفضيلة والاعتداد به (فِي سَبِيلِ اللهِ) وإعلاء كلمته (وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ) أى* لا يدوسون بأرجلهم وحوافر خيولهم وأخفاف رواحلهم دوسا أو مكانا يداس (وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً) مصدر كالقتل والأسر والنهب أو مفعول أى شيئا ينال من قبلهم (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ) أى بكل واحد* من الأمور المعدودة (عَمَلٌ صالِحٌ) وحسنة مقبولة مستوجبة بحكم الوعد الكريم للثواب الجميل ونيل* الزلفى والتنوين للتفخيم وكون المكتوب عين ما فعلوه من الأمور لا يمنع دخول الباء فإن اختلاف العنوان كاف فى ذلك (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) على إحسانهم تعليل لما سلف من الكتب والمراد* بالمحسنين إما المبحوث عنهم ووضع المظهر موضع المضمر لمدحهم والشهادة عليهم بالانتظام فى سلك المحسنين وأن أعمالهم من قبيل الإحسان وللإشعار بعلية المأخذ للحكم وإما جنس المحسنين وهم داخلون فيه دخولا أوليا (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً) ولو تمرة أو علاقة سوط (وَلا كَبِيرَةً) كما أنفق عثمان رضى الله عنه والترتيب باعتبار ما ذكر من كثرة الوقوع وقلته وتوسيط لا للتنصيص على استبداد كل منهما بالكتب والجزاء لا لتأكيد النفى كما فى قوله عزوجل (وَلا يَقْطَعُونَ) أى لا يجتازون فى مسيرهم (وادِياً) * وهو فى الأصل كل منفرج من الجبال والآكام يكون منفذا للسيل اسم فاعل من ودى إذا سال ثم شاع فى الأرض على الإطلاق (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ) أى أثبت لهم ذلك الذى فعلوه من الإنفاق والقطع (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ) بذلك (أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أحسن جزاء أعمالهم أو جزاء أحسن أعمالهم (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ